التحرير
أحمد كامل البحيرى
قطر وحزب الله.. ومعركة جرود عرسال
تدخل معركة جرود عرسال مرحلة الانتهاء خلال أيام٬ والتي يخوضها حزب الله بمباركة من الجيش اللبناني ضد أحد أفرع هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)٬ وتظهر نتائج المعركة الأخيرة بإعلان وشيك بانتصار حزب الله في تلك المعركة. وبعيدا عن تفاصيل المعركة من الناحية العسكرية والقتالية٬٬ تطرح تلك المعركة العديد من التساؤلات حول توقيت بدء المعركة من جانب حزب الله.. هل هناك علاقة بين بدء المعركة والصراع بين قطر والأطراف الخليجية؟ وماذا يعني هذا الانتصار بالنسبة لحزب الله؟ وما تأثير تلك المعركة على مستقبل الأزمة السورية من الناحية السياسية والعسكرية؟ «١» تأتي معركة جرود عرسال أو ما يمكن أن نطلق عليها معركة عرسال الثانية بعد أيام من إعلان حيدر العبادي تحرير الموصل من داعش وهو الانتصار الأهم والأبرز في مواجهة التنظيمات الإرهابية في المنطقة خلال السنوات الماضية٬ هذا الانتصار العراقي أعطى دفعة سيكولوجية قوية لحزب الله لمواجهة أحد فروع تنظيم (جبهة النصرة) المتمركز على مقربة من الحدود اللبنانية السورية٬ في وقت يحقق النظام السوري فيه العديد من الانتصارات الميدانية في مواجهة بعض التنظيمات المتطرفة بجانب إعادة السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي السورية بعد فترة من اختلال في ميزان القوى لصالح التنظيمات المسلحة قبل التدخل الروسي في المعركة. وعلى الرغم من أهمية هذين النقطتين السابقتين في معركة حزب الله بجرود عرسال٬ فإنهم يدخلون في نطاق الدعم السيكولوجي إلى حد كبير٬٬ ولكن ليسوا حاسمين في تحديد ساعة الصفر٬ لأن قواعد الاشتباك مرتبطة بالعديد من المسارات الأخرى، أهمها موقف الأطراف الداعمة لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي في سوريا٬ وهو ما يطرح تساؤلا: هل تخلت قطر عن دعم (جبهة النصرة)؟ «2» إعلان حزب الله خوض المعركة في جرود عرسال يأتي في وقت صراع حاد بين بعض الدول العربية مع قطر٬٬ ويدور الخلاف في أحد أوجهه حول دعم قطر للإرهاب في المنطقة، وخصوصا تنظيم جبهة النصرة٬ وبتشبيك المسارات نجد أن "قطر" غضت البصر عن دعم أحد فروع جبهة النصرة الواقعة على الحدود اللبنانية السورية٬ لتحقق هدفين، أولا: أن تثبت للرأي العام العالمي أنها ليست داعمة لهذا التنظيم. ثانيا: تعزيز علاقاتها مع إيران في ظل الأزمة مع الأطراف العربية (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)٬٬ ومن ثم يجعل الإجابة عن تساؤل توقيت المعركة بأنها مرتبطة بشكل كبير بالأزمة العربية القطرية.

«٣» ويأتي التساؤل الثاني حول فائدة المعركة بالنسبة لحزب الله٬٬ فمن الناحية الداخلية يسعى حزب الله لمزيد من اكتساب الرأي العام الداخلي حول دور حزب الله في القضاء على جبهة النصرة وإعادة المخطوفين العسكريين٬ وبتحقيق هذين الهدفين يكتسب حزب الله المزيد من الدعم في أوساط الرأي العام اللبناني، وخصوصا مع اقتراب الاستحقاق النيابي في لبنان. ومن الناحية العسكرية تدخل معركة جرود عرسال في نطاق ترتيبات الأمن السوري والتي يمكن أن نطلق عليها (تقسيم السيطرة على البلديات بين الجانب الروسي وشركائه والأمريكي وحلفائه)٬ وهو استكمال بشكل مختلف عما حدث في اتفاق المناطق الأربع بين قطر وإيران من ناحية وحزب الله وجبهة النصرة كمنفذين من ناحية أخرى٬ وهو ما يجعل اتفاق المناطق الأربع يأتي تحت المسار السياسي وعرسال تحت مسمى المسار العسكري. في المجمل تعتبر معركة جرود عرسال واحدة من المعارك ذات التأثير الداخلي على الشأن اللبناني من ناحية والعسكري على مستوى مستقبل الصراع بالأزمة السورية٬ من ناحية أخرى، وهو ما ستظهر نتائجه خلال الأيام والشهور المقبلة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف