الوفد
فكرية أحمد
من غير زعل.. البلطجية يكسبوا!
حديث جدلى دار بينى وبينى زميلى القدامى.. الثائر دائماً محمد مهاود مدير التحرير، والمثقف الهادئ دائماً د. مصطفى عبدالرازق نائب رئيس التحرير حول أحد الأشخاص المثيرين للجدل حول أسلوب إدارته لإحدى المؤسسات، فهو سليط اللسان.. أسلوبه أقرب للبلطجة، لكن رغم ذلك نشط دؤوب العمل، نجح فى إعادة صياغة شكل المؤسسة وضبط إيقاع العمل بها، وتحريك المياه الراكدة من كسل وإهمال كان متفشياً بالمؤسسة وتطهيرها، وكان جدلنا حول.. هل يجب أن يتعامل القائد أو المدير مع مرؤوسيه بأسلوب «قلة الأدب والبلطجة وامتهان كرامة كل من تحت يده بلا رادع أو وازع» وأن يكون له لائحته وناموسه الخاص جداً به لإدارة المؤسسة وتشغليها بالشكل والأسلوب الذى يراه أياً كان لتحقيق النتائج المرجوة، أم أن الأفضل والأنجح وجود قانون مفعل ولائحة قوية للثواب والعقاب فى الإدارة لاستعادة قيمة العمل والكرامة سواء للعاملين أو المتعاملين مع هذه المصالح والمؤسسات، فالموظف أو العامل الذى تمتهن كرامته من رئيسه أو مديره، سيتعامل مع تحت يده أو المواطنين أصحاب الخدمات بنفس الأسلوب لقهرهم وإذلالهم ثأراً لكرامته المنتهكة بجانب رغبته الخفية فى الانتقام لتخريب المؤسسة، وستتواصل سلسلة الانتهاكات وإهدار الكرامة، لتتحول مصالحنا الحكومية إلى ما يشبه الغابة، يأكل فيها الكبير الصغير، ويدوس من فى القمة على أنفاس وكرامة من فى القاع، وهكذا.. المثير أن اتفاقًا شبه عام ساد بيننا بأن أسلوب المدير البلطجى يكسب إذا ما غابت قوة القانون وانعدمت لوائح الثواب والعقاب.
هذا هو المنهج الذى تدار به معظم مصالحنا ومؤسساتنا الحكومية، وهو أمر يختلف تماماً، عما يحدث فى المؤسسات الخاصة من احترام لأوقات العمل وأسلوب الأداء، والاحترام لآدمية وكرامة العاملين بها والعملاء المتعاملين معها، فعلاً رأس المال له كرامة فصاحب المؤسسة الخاصة يديرها بالقانون، بلائحة الثواب والعقاب من يؤدى عمله كاملاً بلا نقصان سيتقاضى أجره وينل حقه، ومن يتقاعس سيتم عقابه والاقتطاع من حقوقه، كل واجب يؤدى يقابله حق، أما المصالح الحكومية فليس بها أى سياسة إدارية حقيقية أو لوائح تطبق سياسة الثواب والعقاب، الموظف يدرك تماماً أنه عمل أو لم يعمل.. نفع المصلحة أو لم ينفعها بعمله، سيتقاضى راتبه وحوافزه وكل مستحقاته المالية كاملة آخر الشهر دون أى نقصان، لو تأخر عن موعد عمله فى الصباح سيوقع له زميله، ولو زوغ سيغطى غيابه زميله، لأن المصالح متبادلة بينه وبين زملائه للهروب والتزويغ وعدم أداء واجبات العمل، فيوم له ويوم عليه وكله «فى الموانى يابا».
عزب.. مصالحنا الحكومية تحولت إلى ما يشبه العزب، ترهل بها أسلوب العمل وتآكل وانتحر، لأن القائمين عليها ضمنوا أماكنهم والتصقوا عليها بـ «الغراء» ولن يبارحوا مواقعهم أو كراسيهم إلا بأحد الأجلين، الموت.. أو أجل بلوغ المعاش، لذا فهو واثق ومطمئن على نفسه سواء خربت المصلحة الحكومية عملياً وإدارياً ومالياً، وأصبحت مجرد هيكل يضج بموظفين وعمال لا «يهشوا ولا ينشوا» مجرد أجساد تأتى وتغادر المكاتب وسط إنفاقات حكومية عالية خربت موازنة الدولة، فيما مصالح المواطنين معطلة مكدسة، لذا حين أطل علينا قانون الخدمة المدنية حمل إلينا بعض الأمل فى ضبط إيقاعات العمل رغم بعض تحفظاتى حوله، إلا أنه سيعطى فرص الإدارة والترقى للمستحقين فعلاً، وليس لمجرد سنوات الخدمة.. مطلوب سرعة إعادة النظر فى أساليب الإدارة بكل قطاعات الحكومة وإجراء تغييرات راديكالية بها إنقاذاً لمسارت العمل وتسييراً لخدمات ومصالح المواطنين، وللحديث بقية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف