المصرى اليوم
محمد صيام
الفيصلى والفتح كشفا أمراض الأهلى والزمالك المزمنة
من لا يجد فى نفسه الشجاعة الكافية للمخاطرة، فلن يحقق شيئا فى حياته.. هذا المبدأ طبقه الملاكم الأسطورى ورياضى القرن الأول محمد على كلاى، فحصد به كل ما يتمناه الرياضى، وفى كرة القدم الشجاعة لا تكون وحدها كافية للفوز بالبطولات والألقاب، بقدر ما يكون من الضرورى أن تقابلها حالة من انعدام الثقة بالنفس لدى المنافس، تمنعه من التفكير العقلانى طبقاً لقواعد المنطق.

وهذه القاعدة طبقت بشكل واضح مباشر فى لقاء الأهلى والزمالك يوم الاثنين الماضى، وتجسدت فيه حالتان متناقضتان لمدرب امتلك كل الشجاعة، وآخر خاف من الهزيمة فارتبكت أفكاره لدرجة تخطت كل الحدود، فاستحق الهزيمة، بل إن الخسارة بفارق هدفين هو المكسب كله قياسا بما فعله وقدمه من تشكيل سيئ وتوظيف غاية فى السوء، وهذا كان الفارق بين حسام البدرى المدير الفنى للأهلى ونظيره البرتغالى إيناسيو، فالأول امتلك شجاعة المغامرة.. والثانى سيطر عليه الرعب من الهزيمة.

لكن ما الشجاعة التى امتلكها حسام البدرى؟ وأين كانت المغامرة التى قدمها فى طريقة لعبه وأسلوبه التكتيكى أمام الزمالك؟ وهل سيكون لديه الجرأة، ويخاطر ليكرر نفس السيناريو أمام خصم آخر يمتلك أقل القليل من الوعى التكتيكى أو على الأقل يديره جهاز فنى يعرف أبسط قواعد الإدارة الفنية للمباريات، وكيفية مواجهة المنافسين أو البناء التكتيكى للمواجهات الصعبة الكبيرة؟

هذه الأسئلة لا مفر منها أمام ما فعله المدير الفنى للأهلى فى لقاء الزمالك، لأنه ضرب بكل الأسس عرض الحائط، عندما اعتمد على ثلاثة لاعبين فى وسط الملعب، هم حسام غالى وعمرو السولية وصالح جمعة، قدراتهم الدفاعية ليست عالية، وليس من بينهم لاعب وسط مدافع كلاسيكى، حتى الأول فهو بحكم السن والغياب عن المباريات فقد الكثير من قدراته وملكاته ومهاراته فى الدفاع بصرف النظر عن أنه استحضر بعضا منها، رغبة فى إثبات الجدارة وأحقيته فى الاستمرار واللعب، ولكنها دائما ما تكون مؤقتة أو بدقة أكثر سببها أن ما تعرض له من ضغط هجومى من منافسه الزمالك، خاصة فى عمق الملعب لم يكن بالصورة التى تهزه أو تستنزفه أو ترهقه ذهنيا.

وللمرة الأولى هذا الموسم يتجاوز حسام البدرى عن حذره، ويرمى بكل قناعاته، ولا يفكر فى المنافس عند اختيار التشكيل، ولم يقلقه اسمه أو لاعبوه، فلا أحد يضع لخصم وزنا، أو يكون حريصا على نقاط اللقاء التى لم تكن تؤثر فيه، ولا تضم المجموعة الأساسية له لاعب وسط مدافعا كلاسيكيا، فكل ما فكر فيه المدير الفنى للأهلى لم يتعلق بكيفية استرداد الكرة، وإنما بماذا يفعل بها، وهى بين أقدام لاعبيه فاعتمد على ثلاثة لاعبين، يجيدون السيطرة، ويمتلكون موهبة التمرير والتصرف فيها تحت ضغط وعدم فقدها بسهولة ثم الأهم جرأتهم الهجومية، حتى إنهم كانوا الأكثر تأثير فى هجمات الأهلى من الثلاثى: وليد سليمان ومؤمن زكريا وأجايى.

وإذا كان حسام البدرى غامرا بالاعتماد على هذا الثلاثى، وهو من الصعب أن يكرره، فإنه نجح فى التنظيم الهجومى، وأوجد أدوارا محددة للاعبيه فى الثلث الهجومى، فمنطقة العمق فى الثلث الأوسط تركها لعمل صالح جمعة وحسام غالى وعمرو السولية بالتناوب، وطبقا للكثافة العددية فى المساحات ثم الأهم التواصل الذى صنعه الثلاثى مع أحمد فتحى الذى كثيرا ما طبق أدوارا مزدوجة دفاعية فى عمق الملعب وعلى الطرف الأيمن، لكن المشكلة التى كانت نقطة ضعف واضحة عانى منها الأهلى خاصة فى الشوط الثانى للقاء وأيضا أمام الفيصلى الأردنى أن التغطية على الطرفين لم تكن جيدة، وتسببت فى خسارته المباشرة من بطل الأردن يوم السبت الماضى وسر إجادة ستانلى ومصطفى فتحى فى لقاء الأهلى حتى إن شيكابالا عندما ركز فى الاختراق نجح.

مشكلة الأهلى الحقيقية والتى تمنع حسام البدرى من تكرار هذه المغامرة والمخاطرة مجددا هى الارتداد والتغطية السيئة للاعبى الأهلى، فلا صالح جمعة، ولا حسام غالى سيقدران على ما قاما به أمام الزمالك فى مواجهة خصوم لديهم مدربون أكفاء، فالسيناريو بالكامل كان من الممكن أن يتغير مثلما حدث أمام الفيصلى الأردنى فى افتتاح البطولة العربية، لو أن فى وسط ملعب الخصم لاعبا يجيد السيطرة وصناعة اللعب والتعامل الفردى فى المساحات الضيقة، مثل أيمن حفنى، فالحقيقة التى لا تقبل الشك أن إيناسيو ساعد المدير الفنى للأهلى أو بشكل أكثر دقة تعاون معه لخسارة الزمالك بأسلوب اللعب الذى اعتمد عليه وبالأفراد التى دفع بها فى تشكيله الأساسى، وهو من المستحيل تكراره.

والمثير أن نفس الكأس التى شرب منها الزمالك، عندما واجه الأهلى هى التى تجرعها الأخير فى أولى مبارياته فى البطولة العربية، الفشل فى مواجهة الكثافات العددية فى الهجمات المرتدة السريعة وصعوبة صناعة توازن عددى فى اللاعبين، لكن الزمالك فاق فى أن أزمة دفاعه فى عمق الملعب، سواء داخل منطقة الجزاء أو أمامها يواجه صعوبات فى التنظيم، مما كلفه هدفين أمام الفتح المغربى فى نفس البطولة، وهو نفس ما عانى منه أمام الأهلى، فمشكلة الزمالك أصبحت فى كيفية الدفاع فى الكرة الثانية المرتدة، داخل منطقة الجزاء أو بمقربة من القوس، فدائما ما تكون لصالح خصومه الذين يسيطرون عليها، ويصنعون منها خطورة ليس ذلك فقط، بل إن الضغط والرقابة فيهما مشكلات تتعلق بغياب التدريب على أسس الدفاع، سواء الفردى أو دفاع المنطقة والثانى انعدام الوعى لدى اللاعبين فى كيفية الأداء فى الثلث الدفاعى، عندما يتعرضون لكثافة عددية أعلى منهم، بدليل الهدف الثانى لبطل المغرب، لكن هل هذه مشكلة الزمالك بمفرده.. الإجابة لا، فهى تتعلق بالأداء العام للفرق المصرية، لأنهم لا يعرفون، ولا يطبقون الدفاع الجماعى، ولا هناك واجبات محددة يحصلون عليها من أجهزتهم الفنية، فتكون المحصلة فوضى لا حصر لها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف