اجتمعنا «شعبة المحررين الاقتصاديين بنقابة الصحفيين» مع وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى الدكتورة هالة السعيد، وأدار اللقاء الصحفى الاقتصادى محمد نجم، واستغرق ما يقرب من ثلاث ساعات، استعرضت الوزيرة بالأرقام مؤشرات الاقتصاد ما بين معدلات النمو، وبطالة وديون، واستثمار أجنبى وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، كما استعرض الدكتور خالد زكريا تطوير منظومة التخطيط المحلى، ووضع يده على المعوقات، وطرح الحلول والمقترحات التى سيتم تنفيذها خلال ثلاث سنوات، عرض الدكتور صالح الشيخ، خطوات إصلاح الجهاز الإدارى، الذى قسمه إلى التطوير المؤسسى والتدريب والتنمية البشرية، والإصلاح التشريعى، وقواعد البيانات.
الكلام جميل ويدعو للتفاؤل، سواء على مستوى المؤشرات أو مستوى خطوات الإصلاح الإدارى والمحلى، ولكن على أرض الواقع يحتاج منا إلى وقفة، وأرجو من كل المسئولين ألا يقفوا عند الأرقام فقط، وإنما يجب أن يكون مقياس النجاح هو ما تحقق على أرض الواقع، فكثيراً ما كنا نسمع عن معدلات نمو تزيد على 7% قبل يناير 2011، ولكن كان الشارع يغلى بسبب الفقر والبطالة وارتفاع تكاليف المعيشة، وإذا ما قارنا هذه الفترة باليوم، فقد تدهورت أحوال الناس، وارتفعت تكاليف المعيشة أضعاف أضعاف هذه الأيام.
نعلم أن المهمة ثقيلة والإصلاح فى جهاز يضم 7 ملايين موظف أصعب، ولكن لا يوجد بديل عن الإصلاح، الذى يجب أن يصل وبسرعة إلى الناس، وأعتقد أن 50% من رضا الناس فى الشارع يتمثل فى قضاء حوائجهم بسهولة ويسر وعدم تعذيبهم فى دولاب الحكومة، وأمام موظف يكره نفسه، والنسبة الباقية تأتى من تحسن ظروف معيشته وارتفاع الدخل.
وأتذكر لقاء فى عام 2010 جمع الشعبة مع وزير التخطيط فى العين السخنة، وصدعنا وقتها الوزير بأرقام ومؤشرات إيجابية جعلنا نشعر أننا نعيش فى الجنة، وعندما انتهى، عارضته فى الأرقام، وأنها لا تصل إلى الناس، والناس لا تشعر بهذه الأرقام، غضب الوزير ولم يستكمل باقى أيام اللقاء وغادر، والبعض عاتبنى، بسبب طريقة ردى على الوزير، وبعدها بشهور معدودة حدثت ثورة 25 يناير 2011.
نحتاج إلى أن تصل الأرقام والمؤشرات للناس، ونحتاج أكثر إلى أن تتحول لقاءات الشعبة مع المسئولين، إلى لقاءات علمية، تعطى للصحفى خارطة طريق لتحليل الأرقام، والكيفية التى يتم بها حساب هذه الأرقام، مثل كيف تقوم وزارة التخطيط بحساب معدلات النمو، وهل هناك نمط تتفق عليه الدول صادر من صندوق النقد الدولى، والمطبخ الذى تصنع فيه هذه الأرقام، وغيرها من الأمور التى تجعل من الصحفى محللاً، وناقداً، وليس مجرد ناقل للمعلومات، وهذا ما لمسه «نجم» فى ختام اللقاء، ولكن أن تتحول إلى مجرد مؤتمر صحفى يعرض فيه المسئول إنجازاته، فسوف تفقد الاجتماعات جاذبيتها.