اليوم السابع
كرم جبر
روح القانون الغائبة فى أحداث الوراق!
القانون عدل وليس فتونة وعضلات، وروح القانون هى إلباس قبضته الحديدية قفازا مطاطيا، حتى يكون رحيما ولا يجرح، وعندما غابت روح القانون فى جزيرة الوراق، تصاعدت الأحداث بشكل مؤسف، وكان مفترضا أن يسبق الاقتحام المفاجئ خطوات تمهيدية، لرعاية الحالات الإنسانية، وإيواء من ليس لهم مسكن، وأن تبدأ بعد ذلك حملات الإزالة، بعد إنذار الأهالى.

ميراث الفوضى ثقيل منذ عشرات السنين، وتضخم واستفحل بعد 25 يناير، وتتحمل الدولة أعباء هائلة لضبط الخلل، واستعادة هيبة القانون المهدرة، ومن يتصدّ لذلك يمش فوق الأشواك، ويحارب فى عشرات الجبهات.. سكان ليس لهم مكان يعيشون فيه، وسرت بينهم شائعة بأن البلدوزرات سوف تلقيهم فى الشارع.. وشكوك قديمة بأن هذه الجزيرة الذهبية مطمع لرجال أعمال «تقال»، يريدون استثمارها فى مشروعات سياحية.. وفى الصدارة جماعة إرهابية تتحين أدنى فرصة لركوب الموجة، وإثارة الشغب والفوضى.

حدث خلط بين الإدارة السياسية والإدارة القانونية للأزمة، وكان ضروريا أن يشعر السكان بأن تنفيذ القانون لن يظلمهم، وأن إزالة التعديات لن تطيح بهم، وأن البلدوزرات جاءت من أجل الأوكار والعصابات والهاربين وتجار المخدرات، وأن جزيرتهم تحولت إلى صوب للجريمة، ومرتعا للصوص والبلطجية والعصابات، وأن الحكومة لديها مشروع للتطوير والتحديث يستفيدون منه، ويحسن أحوالهم وظروفهم المعيشية، وتبدد عنهم الخوف والقلق وتحميهم من مروجى الشائعات.

أخطر مشكلة تواجهها مصر هى العشوائيات، وكأن من خطط لها كان يستهدف محاصرة الأحياء الراقية بأحزمة ديناميت، وينطبق الوضع على المعادى والمهندسين ومدينة نصر والزمالك ومصر الجديدة، بجوار كل منها منطقة عشوائية، ظلت تتمدد عى مدى سنوات كخلايا السرطان، حتى أصبحت ورما كبيرا لا يمكن التخلص منه بسهولة.. مناطق شبه مغلقة تتلوى فيها الحوارى الضيقة كالثعابين، ومحرم على سكانها الشمس والهواء، وتضم شرائح من الفقراء والمعوذين، معظمهم جاء من الصعيد أو الأرياف، بحثا عن لقمة عيش، بعد أن ضاقت بهم الحياة فى موطنهم الأصلى.

نعم.. القانون فوق رؤوس الجميع، ولن تنصلح أحوال البلاد إلا بالعودة إلى دولة القانون التى تحكم بالعدل بين كل الناس، ولكن الطريق إلى ذلك ليس سهلا ويحتاج مداولات ومرافعات، كما يحدث فى أروقة المحاكم، وأن تستمع المحكمة لكل الأطراف، وأن تصدر أحكامها بعد أن تستقر عقيدتها، ولم يحدث شىء من هذا فى الوراق.. غابت كل الأطراف ولم يظهر فى الساحة إلا قوات الشرطة، التى تتحمل فوق طاقتها فى تأمين جبهات مختلفة، من الإرهاب حتى جماهير الزمالك التى تحطم المدرجات.

الدولة التى تبذل أقصى جهد، لإقامة أحياء سكنية جديدة لسكان العشوائيات، لا يمكن لمن يفعل ذلك أن يستهدف سكانا هم أولى برعايتها واهتمامها، ولا يمكن أن ترمى مواطنيها فى الشارع، وهى المسؤولة عنهم وتوفير الخدمات الأساسية لهم، لكن وقعت أخطاء فى إنفاذ القانون، وتطورت الأحداث على نحو يتطلب أخذ الاعتبارات الإنسانية فى الحسبان، قبل تنفيذ مثل هذه القرارات.
الزمالك.. لم نعد أوفياء!

لا أدرى لماذا ارتدوا الفانلة الزرقاء، مع أن البيضاء مبهجة وشيك وشكلها أحسن، فانقلبت الليلة إلى لون فانلاتهم، وتاه جميع اللاعبين، وفى مقدمتهم إيناسيو الأكتع، أسوأ مدرب فى تاريخ الزمالك، لا عقل ولا فكر ولا يقظة ولا ضمير، ولو جاء عاطل على مقاهى لشبونة، لكان أفضل حالا من هذا البليد، الذى يشع غباء واستفزازا.

وسام واحد فقط أضعه فوق صدر حارس المرمى الناشئ عمر صلاح، الذى أنقذ فريقه من مهازل الشناوى وجنش، ورأيى منذ سنوات أن جنش لا يصلح لحراسة مرمى الزمالك، حتى لو صد عشرات ضربات الجزاء، وأحيانا أتصور أن حارس الفريق المنافس ترك مرماه، وجاء إلى مرمى الزمالك فى هيئة جنش.. أما الشناوى فعيناه على الدنانير والدولارات والريالات، ويريد أن يمسك الفلوس مثل الحضرى، ويمتلك مولات فى بورسعيد وكافيهات فى المهندسين، فالكورة غدارة وخائنة وليس لها أمان، وهو رجل صاحب إصابات متكررة، وإذا لم يلحق إحدى طائرات الخليج، فسوف يفوته أيضا قطار الصعيد.

شيكابالا.. أنا مش بحب لعبه، وكأنه مرسى الزناتى الذى يخافون منه، كل اللاعبين يبحثون عنه لتمرير الكرة إليه، هناك فى الركن البعيد عند الخط، يتسلم ويلف ويدور ويعود للخلف ثم الأمام، يكون الفريق الثانى كله رجع وتمركز، ولسه شيكابالا بيرجع ويتقدم، وينظر ويتأمل، ثم يفكر ويفكر، العب يا شيكابالا، العب يا شيكابالا، وترتد الهجمة إلى هجمة مضادة.. وأخص شيكابالا بالذات بالاسم لأنه كابتن الفريق.. فحرام عليه ما يفعلونه بنا، نحن الزملكاوية الصابرين.

حطوا فى عينكم فص ملح، ايها اللاعبون الانهزاميون، لقد كتب معظمكم نهايته ليلة الأحد فى برح العرب، نعم الكرة فوز وهزيمة، ويوم حلو ويوم مر، لكنها ليست هزائم متواصلة ومر على طول، كنا سنشعر بكم ونستمر أوفياء لو لعبتم وعرقتم وتحمستم، لكن كان شكلكم وحش جدا، وكأن الأهلى يلاعب كفر الحرنكش، وليس الزمالك مدرسة الفن والهندسة والكرة الجميلة، حتى جمهور الأهلى لم يشمت فيكم لأنكم كنتم دون مستوى الشماتة.

لله الأمر، لكن وسط الأنقاض سوف يشع الأمل، ويظهر زمالك جديد وعودة الروح.. جمهور الأهلى لم يفرح بالدورى، لأنه أخذه من المقاصة الغلبانة فلم يكن له طعم، غير أن ينتزعه من الزمالك العظيم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف