الرأى للشعب
إبـراهـيـم أبـو كيـلة
الثانـويـة العامـة.. وانهيـار التعليـم
مع ظهور نتيجة الثانوية العامة وما يصاحبها من صخب وتوتر وفرح وحزن.. أشعر وكأن الثانوية العامة.. هي كل التعليم في مصر.. ولا مكان للتعليم الأساسي والفني والجامعي.. مع أن كلًا منهم مبني على الآخر.

والحقيقة أن الثانوية العامة هي السبب الرئيسي في تدهور وتدمير العملية التعليمية في مصر.. حيث انتشرت الدروس الخصوصية وانتهى دور المدرسة.. وانتشر الغش الفردى والجماعى.. واكتملت المنظومة بالغش الإلكتروني بالمحمول والسماعات متناهية الصغر.

مصر التي علمت العالم الطب والهندسة والفلك والزراعة.. وغير ذلك منذ فجر التاريخ.. وكان طلاب العلم يأتونها من كل حدب وصوب.. ليكملوا دراستهم بها.. وينهلوا من علمها.. خرجت من التصنيف العالمي لجودة التعليم في السنوات الأخيرة.. ففي عام 2014 / 2015 احتلت مصر المركز «141 خارج التصنيف» من إجمالي 140 دولة في مؤشر جودة التعليم الابتدائى والعام والعالي. لقد ظلت مصر منارة العلم على مر العصور.. إلى أن حكمها المماليك.. وكان ذلك بداية عصر الظلام..

واكتملت المصيبة باجتياح جيوش الأتراك العثمانين لمصر في بداية القرن السادس عشر.. فجرفوها من علمها وعلمائها.. ونشروا الجهل والتخلف.. وعزلوها عن العالم.. ليسهل لهم حكمها، ولم تنفتح مصر على العالم إلا بقدوم الحملة الفرنسية.. وبعدها جاء الألباني محمد علي في جيوش العثمانيين لإخراج الفرنسيين من مصر.. وسرعان ما استولى على الحكم.. وتخلص من كل ما يعوقه.. المماليك والإنجليز والأتراك وحتى العلماء المصريين الذين أتوا به إلى سدة الحكم.. وبعد ذلك أدرك أنه لا بناء لدولته إلا بالتعليم.. فأنشأ المدارس وأرسل البعثات واستقدم المدرسين والخبراء الأجانب.. وارتقى التعليم في مختلف المجالات في عهده ارتقاءً كبيرًا.. بعد أن كان قاصرًا على التعليم الأزهري الديني فقط ..

ثم جاء ابنه الخديوي سعيد ليغلق المدارس التي أنشأها والده وقال مقولته الشهيرة «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة».. وعندما خلفه ابن أخيه.. الخديوي اسماعيل.. سلك مسلك جده.. وسار سيرته.. خاصة في مجال التعليم.. فرفع ميزانية نظارة المعارف.. ووقف الأراضي على التعليم.. ووضع قانونًا أساسيًا له.. وتحملت الحكومة نفقات التلاميذ.. وانشأ أول مدرسة لتعليم الفتيات وغير ذلك من الإنجازات.. وظل التعليم منذ ذلك الوقت محل اهتمام الدولة ونافست جودته المستويات العالمية.. وظل التعليم محافظًا على جودته إلى نهاية السبعينات من القرن الماضي.. بعدها بدأ الانهيار ووصل إلى ذروته حاليا بسبب السياسات التعليمية الخاطئة وعدم ربط التعليم بسوق العمل.. والاهتمام بالكم وإهمال الكيف.. والاعتماد على التلقين والحفظ .. وليس على الفهم والاستيعاب.

نحتاج إلى نظام جديد ومختلف تمامًا عن النظام الحالي في كل مراحل التعليم من الابتدائي حتى الجامعي.. لأن التعليم يعتبر الدعامة الاساسية في تطور المجتمع وتقدمه.. ولابد من إعادة دور المدرسة الذي أسقطه الأهالي والطلاب والمدرسون..

فأنا أتذكر أنني لم أكن أذاكر طوال العام إلا ليلة الامتحان للمراجعة فقط.. معتمدًا على شرح المدرس في الفصل.. وكنت أحصل على مراكز متقدمة بين زملائي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف