الأهرام
أنور عبد اللطيف
الجزيرة «ع الهوا» من برج العرب
فى ختام أسبوع حرق الدم صورتان تحتاجان إلى توثيق: الأولى ليلة الإثنين، عندما أحرز باسم الزمالك هدفا أول فى مرمى الأهلى الليبى واندلعت الشماريخ من الكورنر «الشمال» لمدرج «مرسي» باستاد برج العرب، ووصلت الشماريخ إلى أرض الملعب فأطفأت فرحة باسم وأشعلت القلق فى صدرى أمام الشاشة المشفرة «بى إن سبورت» لأن كثافة الشماريخ وتوقيت إطلاقها لم يكن عاديا، وحمل باسم شمروخا من الملعب وألقاه خارج الخط، وواصل الحكم ـ مشكورا ـ المباراة ودارت كاميرا القناة على الجماهير البيضاء فى الملعب، ونقلت لنا أشكالا وهتافات لاعلاقة لها بالكرة ولا بالفن والهندسة، ونالت الشتائم الجميع من مرتضى منصور حتى رئيس النادى الأهلى! .. وقبل نهاية الشوط الأول انقطع إرسال القناة المشفرة وأعلن مذيع «بى إن سبورت» اعتذاره عن انقطاع الإرسال من المصدر، وبعد دقائق، عاد بابتسامة عريضة وهو يعلن نهاية الشوط الأول وإحراز الأهلى الليبى هدف التعادل بضربة جزاء وطرد الونش مدافع الزمالك، وفى هجمة مرتدة بالشوط الثانى وخروج خاطئ من الشناوى استطاع الأهلى إحراز هدف الفوز، وقبل نهاية المباراة بعشر دقائق أحرز معروف هدف التعادل للزمالك، المريب فى الأمر أنه فى الظروف العادية ورغم النقص العددى كان من الممكن أن يفوز الزمالك باللاعبين «المكسحين» وقد فعلها فى بطولات سابقة بشرط حضور جماهير عادية، لكن ماجرى فى ملعب برج العرب بعد التعادل لم يكن عاديا من الجميع فقد انطلق ركن جماهير ثانية (الشمال) فى تكسير المدرجات بدلا من أن تشجع الفريق حتى انتهت المباراة بالشكل المؤسف الذى نقلته الفضائيات ووسائل الإعلام عن «الحرب الدائرة باستاد برج العرب»،..ودفنت تماما صورة الختام الجماهيرى المتحضر فى نهائى بطولة كأس العالم للشباب التى فازت بها كندا عن جدارة!

هذه الصورة البغيضة التى لخصت فاصل حرق الدم مساء الأحد حملها إلى كل أنحاء العالم العنوان الرئيسى لقناة «يورو سبورت» فبدلا من تصدير عنوان نجاح مصر فى تنظيم بطولة كأس العالم لشباب السلة بفوز كندا على أمريكا ثم إسبانيا، قالت القناة الأوروبية «احتراق وتحطيم استاد برج العرب على يد جماهير الزمالك بعد الخروج من البطولة»، فـ(جماهير ثانية شمال) لم تسئ للزمالك فقط ولا لكرة القدم لكنها استُخدمت لطمس أى نقطة مضيئة، وإظهار مصر بشكل متخلف وهمجى، وهذه هى الصورة المطلوب تصديرها عن مصر على الهواء من برج العرب.

أما الصورة الثانية التى تتفوق فى حجم السواد والدموع والحزن هى ما عكسته الصحف العالمية عن مصر بعد العملية الإرهابية الخسيسة التى راح ضحيتها 26 بطلا من رجال الجيش والشرطة ما بين شهيد وجريح وانتشار الجنازات فى العديد من القرى والمدن فى كل محافظة وفى كل بيت. وهى صورة ينبغى ألا تفوت :

أولا: لأنها جاءت عقب رد خارجية قطر على مطالب التحالف العربى للدول المتضررة من الإرهاب والتطرف والعنف الذى ثبتت تهمة تمويله وتغذيته برعاية إمارة الإرهاب القطرية ودعاية قناة الجزيرة الذراع الإعلامية «وصوت من لاصوت له» من جماعات زرع الفتن الطائفية بين الشعوب العربية.

وثانيا: لأن هذه العملية الإرهابية حولت شهر يوليو من شهر الاحتفال بالذكرى الرابعة لبيان 3/7 عام 2013 الشهير وتدخل الجيش الوطنى لإزاحة النظام الإخوانى البغيض وشهر الاحتفال بالذكرى الـ 65 لثورة يوليو 1952، التى يحتفل بها جيشنا كل عام بالزغاريد وحفلات تخرج دفعات جديدة من الكليات العسكرية وتدخل أفراحها البيوت المصرية تحول الشهر هذا العام إلى شهر موجع فى حجم الضحايا والتطور النوعى فى العمليات الإرهابية ـ التى قيل إن من بين آليات الهجوم على الكتيبة المصرية فى رفح مدافع مضادة للطائرات ـ بالإضافة لزرع الألغام والسيارات الانتحارية والعدد الكبير من الإرهابيين الذى احتاج لإدارة معركة حقيقية وإمدادات استمرت نحو الساعة حتى جاء الدعم الجوى السريع لأبطال مصر الذى أباد الفئة الضالة وشتتهم ما بين قتيل ومفعوص وهارب .

ثالثا: أن الصور والمعالجات التى قدمها الإعلام المصرى - مكتوبة ومرئية- هى نفسها الصور التى تجتهد قناة الجزيرة القطرية فى تقديمها عن مصر مع الفارق الوحيد أن إعلامنا يقدم الخبراء والمحللين الذين يحمِّلون الدعم والحماية القطرية مسئولية تمويل هذه الجماعات بينما قناة «الجريمة» القطرية تؤكد أن جماعة الإخوان مازالت موجودة بقوة السياسة أو بقوة السلاح، ورغم أن جرائم قطر أمر لم نعد فى حاجة إلى إثباتها لأنفسنا بعد أن اعترف بها الرئيس الأمريكى وينبغى على قنواتنا الدبلوماسية أن تسعى لتحويل هذه القرائن من «تغريدات» للرئيس ترامب إلى أدلة رسمية وشهادات وملفات تقدم للمحاكم الدولية!

والمطلوب من إعلامنا أن يخرج فورا من مربع «الجزيرة» الذى يعتمد على الخبر والإلهاء وتحطيم العزائم ونشر الإحباط وسرادقات العزاء إلى مربع المسئولية الاجتماعية، ويناقش بجدية اقتصاد وثقافة دولة فى حالة حرب ولا يستثنى من ذلك نار الأسعار وهموم المواطن وجشع التجار ومكافآت أعضاء البرلمان فى زمن ضغط الانفاق وكل قضايا أمة طامحة فى تعمير سيناء وماضية بإصرار فى مشروعات التحديث والبناء!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف