المصرى اليوم
رولا خرسا
قصة الخلق- جنة آدم وحواء
تقول الحكاية إن الله سبحانه قد طرد آدم وحواء بعد معصيتهما أمره بعدم الاقتراب من شجرة الخلد..
أى جنة؟ اختلف العلماء حول الجنة المقصودة. هل هى جنة الخلد التى وعدنا الله بها؟؟ بعضهم قال نعم. لو كان هذا صحيحا، فكيف طرد منها آدم وهو مَن وعد بأن مَن يدخلها لا يخرج منها أبدا؟ لذا ذهب بعضهم للقول إن هناك جنة أخرى هى التى عاش فيها آدم تجربة العصيان.. ويقول البعض- معتمدين على الآية الكريمة: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الأرض خَلِيفَةً» البقرة «30»- إن الله سبحانه قد خلق آدم فى جنة على الأرض، ويذهب البعض إلى أنها كانت فى الهند، ويعتقد أهل سيراليون أن الجبل المسمى «آدم»- وهو مزار سياحى شهير يأتيه أناس من مختلف أرجاء العالم- هو أول مكان وطئته قدما آدم عندما هبط من السماء.. والقرآن يؤكد أن الخلق نفسه تم فى السماء عندما قال المولى: «قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين» «36» سورة البقرة.. إذن عملية الخلق نفسها تمت فى السماء، ثم هبطا.. ودليل آخر أن الجنة التى سيذهب إليها المتقون ليست هى نفس جنة آدم أن جنتنا لا يدخلها الشياطين والأبالسة.. أما كيف وسوس إبليس لآدم؟ ففى اعتقادى- وهو اجتهاد قد أخطئ فيه أو أصيب- أن الله سبحانه عندما خلق آدم من تراب الأرض أخذنا منها خصالها.. فالأرض إن لم تروِها ماء جفّت وقسَت وتشقّقت.. وماؤنا هو الحب الذى يجب أن نغذى أرواحنا به.. إن لم تغذِّها حباً تشققت وجفّت، ودخل من بين الشقوق إبليس. والتشققات سببها واحد: الخوف.. فالخوف عكس الحب.. والخوف جزء أساسى من طبيعتنا الأرضيّة، ولكن ماءه اليقين، واليقين هو منتهى الحب.. فإن وثقت أنك فى أيدى مَن تحبه ويحبك اطمأن قلبك.. كلما سقينا أرواحنا يقيناً أكثر عرفت قلوبنا مذاق الجنة.. والخليقة بدأت بحب.. أحَبّ الله آدم، فنفخ فيه من روحه، ولما استوحش خلق له من ضلعه مَن يحبها وتحبه.. حكاية الشجرة اختلف فى نوعها أيضا العلماء.. لا يوجد أى دليل على أنها كانت شجرة تفاح.. كما تروج الأفلام..

وأيا كان نوع الثمرة، فحكاية الشجرة التى أكلا منها فيها كثير من الرموز.. نسى آدم أمر ربه بعدم الاقتراب منها، ومن هنا جاء اسم «إنسان» مشتقاً من النسيان.. ونحن البشر ننسى دوماً.. لماذا أكلا من الشجرة؟؟ لأنهما خافا.. خافا من الموت، خافا من زوال النعمة، خافا وحسب.. لأنهما كالأرض شديدا الهشاشة.. مجرد تراب.. إن اختلط بالماء أصبح طينا، ودون ماء تحول إلى صخر.. خافا، فدخل إبليس من مدخل الخوف الذى يطردنا جميعا من الجنة على الأرض.. الجنة هى أرض سلام، ونعيش عمرنا كله على الأرض فى نار.. إما بسبب الحروب التى تحيط بنا والفتن.. وإما بسبب حروب أنفسنا وشرورها.. يدخل إبليس لأنفسنا من مخاوفنا، فيغذيها.. ولا طارد له سوى الذكر.. مفتاح بسيط، ماؤك هو ذكرك، وصدق مَن قال:

«الذكر يطهر القلب، كلما طهر القلب رقّ، فإذا رقّ راقَ، وإذا راقَ ذاق، وإذا ذاق فاق، وإذا فاق اشتاق، وإذا اشتاق اجتهد، وإذا اجتهد هبّت عليه نسائم الجنة».

جعلنى الله وإياكم من الذاكرين ومن أهل الجنة على الأرض وفى السماء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف