الأهرام
محمود مراد
قطر والإرهاب والمافيا الدولية.. معا!
على صدر الكلام ينبغى التأكيد على ان الشعب فى قطر هو جزء منا، نضعه فى قلوبنا وعيوننا. ونحن فى مصر ـ وأعتقد أنه فى سائر الدول العربية ـ نرى ان القطريين هم بعض أبناء الأمة العربية التى لها الأولوية فى الحرص على أمنها القومى وسلامتها وقوتها وتقدمها. لكن المشكلة فى قيادة هذا البلد العربى الأصيل التى دفعت به إلى دائرة أعداء الأمة. فقد كانت تظن انها بالمال وبما توهمته من ذكاء انها ستتولى قيادة الارهاب ليضيف إلى قامتها الهزيلة ويصبح لها دور نافذ فى المنطقة فاذا بها تسقط فى المستنقع الدنس فتتلوث وتصبح جزءا عضويا منه. وهكذا ـ للأسف ـ التصق الارهاب بقطر.. صفة وواقعا عمليا. وأصبحت قطر ـ بانحراف قيادتها ورغم إرادة شعبها ـ ارهابية تنسق وتتبادل المهام مع رءوس الارهاب الأخرى فى التنظيم الدولى له وأصبح لها مكان فى التحالف الذى يضم: الارهاب وعصابات المافيا الدولية التى تشمل: مهربى وتجار السلاح والمخدرات والبشر غير الشرعية والدعارة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة وغير القانونية.

ولتأكيد وليس مجرد تفسير العلاقة بين الارهاب والمافيا فإننا نشير إلى الحادثة التى وقعت منذ نحو أسبوعين فى الصحراء الغربية لمصر.. حيث لقى ثلاثة من العسكريين مصرعهم عندما انفجرت فيهم سيارة مفخخة خلال مطاردة مع مهربى السجائر المسرطنة. وبصرف النظر عن هذه البضاعة المهربة وحجم أرباحها وهل تصنع فى «بير السلم» عشوائيا أم عمدا بقصد تصدير المرض والميكروب إلى المصريين فانه ـ مع أهمية هذا ـ تستوقفنا السيارة المفخخة وهى أداة مستحدثة بالنسبة للإرهابيين، وهى قطعا منقولة, عن الارهابيين نتيجة التعاون الوثيق وتبادل المعلومات بين عصابات كل من الطرفين. فان الارهابى بحكم اتصاله بمخابرات وأجهزة الدولة الراعية ـ اكثر تقدما فى استخدام الأسلحة وأدوات التفجير والدمار، بينما المهرب أكثر معرفة ودراية بطرق الهروب ودروبها ومخابئها.. فضلا عن الهدف المشترك وهو إضعاف المواطنين وزعزعة استقرار المجتمع وتفويض الدولة مما يجمع ويحقق التلاقى بين أصحاب اليافات البيضاء من قيادات التنظيم الدولى للإرهاب ـ أيا كان إسمه ـ والتنظيم الدولى للمافيا ـ أيام كان اسمه ـ الذى يضم عصابات تهريب السلاح والمخدرات وتجارة البشر والدعارة وغيرها ـ ويؤكد بعض الخبراء ان التكامل موجود بين التنظيمين خاصة فى المستويات العليا الأمر الذى يجعل الأوامر تأتى من أعلى إلى أسفل لدعم التعاون على المستويات الأدنى..

وأظن، بعد هذا، أننا لسنا فى حاجة الى المزيد من الأدلة والمنطق لتبيان العلاقة بين الطرفين.. وما دام ذلك كذلك، ومادامت العلاقة قد باتت واضحة أيضا ومؤكدة بين قطر والارهاب، فإنه من البديهى أن يكون لها علاقة مع المافيا.. ومن المنطق أن يكون مثلث الخطر أمامنا هو :قطر ـ الإرهاب ـ المافيا الدولية. ومن ثم فانه يصبح محتما علينا فى مصر أن نواجه هذا الخطر ونخوض ـ كما نفعل الآن ـ حربا شرسة ضروسا فى كل أنحاء الدولة وإن كانت ساحتها الأساسية فى سيناء المقدسة. لكن.. ما الذى دفع قطر إلى هذا المستنقع لتخترق حزام الأمن القومى العربى وتعانق الشيطان ؟!

وفى الإجابة فإننا لا ندعى معرفة كل الخبايا ومايدور فى بلاط الحكم وخلف أعمدته الرخامية، لكن الوقائع تقول لنا أن سنة 1995 كانت فاصلا بين حكم عربى تقليدى يحاول ترسيخ الهوية العربية بقيادة الرجل الطيب الشيخ خليفة، وبين حكم أكثر تطلعا بطموحات أكبر من إمكاناته. وكانت تلك السنة هى التى شهدت مؤامرة/ انقلاب القصر فجرى خلع الحاكم الشيخ خليفة وتولى ابنه «حمد».. وكان ذلك بتخطيط وتنفيذ الشيخة موزة زوجة الحاكم الجديد والشيخ حمد بن جاسم ابن عم الحاكم والذى قال فيما بعد ـ إنه كان مهندس الانقلاب، ولذلك تولى منصب رئاسة الوزارة ووزير الخارجية وأدار دفة السياسة والعلاقات الخارجية مستثمراً المال ـ وهو وفير والحمد لله من انتاج الغاز ـ ومعتمداً على الاعلام من خلال فضائية الجزيرة ـ بادارة الفنيين الأجانب خاصة الانجليز ـ ومن خلال فضائيات أخرى وصحف تصدر فى عواصم عربية وغير عربية بتمويله غير المحدود.. وكذلك استقطاب عدد من المثقفين والمتعاملين مع الرأى العام مستنداً إلى مبادىء الانفتاح وحرية الرأى والديمقراطية والاستماع إلى الرأى الآخر.. وتحت هذا البند تحديداً حقق غرضا خبيثا ومتعدد الأهداف وهو السماح لأول مرة لشخصيات ومحللين إسرائيليين بالتعليق على الأحداث وإبداء آرائهم على الشاشة التى تدخل البيت العربى ! ومن الأهداف الخبيثة إنها كان تؤجج النعرات والخلافات الطائفية والعرقية وغيرها.. وهكذا ما يحقق لها مبدأ : «خالف تعرف». ومما تتستر به من أقاويل غير حقيقية.. والهدف هو خدمة أعداء الأمة العربية وإبراز دور قطر كلاعب أساسى فى المنطقة.

وفى عهد تميم.. اندفعت السياسة القطرية قربا من إسرائيل ومن إيران.. ومدت جسورا مع المنظمات والعصابات الإرهابية المتعددة وغذتها بالمال والسلاح والدعم الاعلامى عبر الفضائيات.. وظن حكام قطر أنهم بهذا يتقربون من الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ان صح هذا.. فقد تناسوا أن واشنطن يمكن أن تتخلى عنهم فى أى لحظة فان شاه إيران مثلا كان أكثر قربا وإلتصاقا بالولايات المتحدة لكن عندما قامت الثورة الايرانية 1979 واستقل طائرته رفضت الولايات المتحدة استقباله رغم تدهور صحته بمرض السرطان، وكادت طائرته تسقط لنفاد الوقود حتى تدخلت مصر ـ إنسانيا ـ تقبل هبوطه وعلاجه.

وفى ظنى .. فانه لا خيار أمام الأسرة الحاكمة ـ.. سوى أحد أمرين : إما أن تعتذر عما فعلت وتعود إلى المنظومة العربية وتؤسس فى ذات الوقت لبناء داخلى سليم، وإما.. أن تترك الدوحة للسفر والإقامة فى بلد مثل السعودية أو.. مصر، فان القاهرة على الدوام تفتح صدرها وتستوعب من يحتمى بها.. اذا عاد إلى الطريق العربى رافعا راية الحق، مؤمنا بأنه لا يصح إلا الصحيح. وهذا أفضل ألف مرة وأشرف من ان تكون الأسرة ـ والدولة العربية ـ مع الارهاب والمافيا الدولية.. معا على طريق واحد.. فان الشعوب لا تنسى..والتاريخ لا يرحم !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف