المصرى اليوم
شريف رزق
فلنكسر كأس النفاق
كتب استاذنا «صلاح حافظ» مُنذ زمن بعيد في عموده «بأخبار اليوم» تحت عنوان «كأس النفاق» مقالاً يُفند فيه دعوي أحد أعضاء مجلس الشعب إبان عصر مبارك بعدم جواز الجهر بالافطار في نهار رمضان. وكان الأستاذ صلاح حافظ يساند فكرة الحرية واحترام التعددية والاختلاف وضد فكرة منع الجهر بالافطار. وتتكرر تلك القضية وتطرح في المجال العام في كل رمضان. وكان آخرها مقتل أثنين «بالخصوص» نتيجة مشاجرة مع آخر كان يُدخن سيجارة قبل الإفطار. وتلك كارثة سلوكية قابلة للتكرار.
من الظواهر الواضحة للعيان في المجتمع المصري فكرة الخوف من الآخر أو إتباع الآخر أو التوجه به others- oriented society، فكثير من أفراد المجتمع تسلك بطريقة ما لأن الأخرين سلكوا بنفس الطريق، وذلك إما خوفاً أو تابعية عمياء للآخرين. ففكرة الأستقلال الفكري ليست بالفكرة الهينة، فيميل الفرد لأن يسكن بجوار أهله واصدقاءه، وقد يفقد فرص هائلة بسبب رغبته في البقاء بجوار أحبابه. الأسواء أنه يتخذ قراراته يناءً على ما تقوم به الجماعة، فيبني قراراته القيمية على ما تقوله الجماعة أو قُل القبيلة فيصبح ذلك الفرد مُجرد فرد في القطيع لا يُفكر ولا يتحرك إلا إذا وافقت الجماعة فيختفي الفرد وتظهر الجماعة ومن ثم يرحب مثل ذلك الشخص بوجود رمز أبوي ومن ثم يُهلل للديكتاتور ويبرر قراراته وتترسخ عنده فكرة أن الديكتاتور يعرف أكثر من الجميع.
المجتمعات الكُبري تُبني على فكرة قدرة الفرد على اتخاذ القرار وتحمل مسئوليته، وقد يكون هذا القرار متعلق بالقيم والأخلاق أو الحياة العملية. ومن ثم فقيمة الحرية تتحدد على أساسها باقي القيم الآخري.
حين يؤمن عن وعي أفراد المجتمع بفكرة الحرية كقيمة عُليا فلن نري جماعة من المسلمين تحاول هدم مبني لأنه بلا ترخيص لبناء كنيسة ولن يعترضوا من الأساس، ولن نري فرداً في المجتمع يخالف القانون «الغائب الحاضر» في مصر، القانون في مصر يُستدعي ويختفي حسب من نتعامل معه، حين تغضب السلطات فانها تستعمل القانون لصالحها.
و للأسف فكأس النفاق مازال يدور ويلف رغم نداء الأستاذ الكبير بكسر الكأس. فمازال الكثير لا يؤمنوا حقاً داخلهم أن الحرية هي القادرة على فك أسرنا من العقل الجمعي كي نُفكر باستقلال بعيداً عن ما تقوله «القبيلة»
و أمثلة كأس النفاق كثيرة منها هذا المسيحي «المهذب جداً» الذي لا يآكل ولا يشرب ولا يدخن أمام زملاءه المسلمين في العمل «حرصاً على مشاعرهم» فهل نطلب يا سادة من أصحاب محلات «الكباب» أن تغلق خلال أصوام المسيحيين حرصاً على مشاعرهم، وهل يسأل المسلمون زملائهم السيحيون أن كانوا صائمين أم لا ومن ثم لن يأكلوا أو يشربوا أمامهم «لحوم أو ما شابه»
و منها ما يقول أن الكل الأديان السماوية لها نفس الافكار «و احنا كلنا زي بعض» الخمر حرام في كل الأديان، وهذا غير صحيح، لا توجد نصوص مسيحية تُحرم الخمر، ولكنها الرغبة في «التلفيق» الذي يؤدي إلى خراب الضمائر. الحق أن كل الأديان والعقائد مختلفة في الكثير ولكنهم يستطيعوا التعايش حين يقترب الإنسان من أخيه الأنسان ولا يفكر حتي أن يسأله على أسمه «الرباعي» حتي يتأكد أنه من نفس «القبيله».
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف