المصرى اليوم
محمد فودة
وما دخل أهلي – بصيامك؟!
كائن حاد المزاج، متوتر، ومتأهب للشجار، تجده في المواصلات العامة أو في سيارة تزاحمك على الطريق، أو لسوء حظك في مصلحة حكومية، إذ لا يمكن أن يقضي لك طلبك، وإذا جادلته في ذلك يرد عليك مثل المجيب الآلي بعبارة تبدو مسجلة «اللهم إني صائم»!!
وما دخل أهلي بصيامك، لماذا تمنّ عليّ بذلك، وهل يفترض أن أدفع الفاتورة، أو أصفق لك تقديراً لتضحيتك الغالية بأنك قررت الخروج من بيتك صائماً، وما معنى «اللهم إني صائم» من الأساس، هل تبلغ الله عز وجل بذلك، على اعتبار أنه لا يعرف؟!

شُرع الصيام لأسباب يعلمها الله، وتناولها الفقهاء والدعاة كثيراً، لكن أعتقد أنه لم يفرض علينا، حتى نتاجر ونجاهر به بصورة لا تقل أحياناً عن قبح المجاهرة بالإفطار لمجرد التحدي وإثبات الذات...!

لا أفهم كذلك، سر الهجوم السنوي المعتاد على المفطرين في رمضان لقد فرض الله علينا الصوم، لكن لم يلزمنا بمحاسبة غير الملتزمين بذلك، وللأمانة لا أجد أي غضاضة ولا تتأثر مشاعري، إذ رأيت شخصاً مفطراً أمامي.

وأرى أننا نبالغ كثيراً في ذلك، حتى وضعنا على الناس قيوداً اجتماعية لا يفرضها الدين، لدرجة أن بعض المرضى المرخص لهم بالإفطار يتجنبون ذلك تحاشياً لنظرة المجتمع السلبية، وحكمه على الناس بالمظهر!

بل إن كثيراً من المسيحيين وأصحاب الديانات الأخرى، يفضلون الصيام معنا، مدعين أنهم يفعلون ذلك عن طيب خاطر على سبيل التضامن والمشاركة مع إخوانهم المسلمين، لكنهم في الحقيقة يفعلون ذلك مجبرين معنوياً، حتى يتحاشوا نظرة لوم قاسية من زملاء في العمل أو مارة في الشارع إذا قرر أحدهم تدخين سيجارة أو احتساء فنجان من القهوة..!

وبالله عليكم هل بادر أحدنا ذات يوم بمشاركة المسيحيين صيامهم كنوع من التضامن والتلاحم مثلما يفعلون معنا، أتحدى أن يكون لدى أي منا دراية من الأساس بمناسبات الصوم عند الأقباط؟!!

أتمنى كذلك أن نكون عقلانيين فيما نردد حول فوائد الصيام الصحية، ومن الهطل بمكان أن نستمع إلى شيخ أو واعظ يتحدث في مسائل طبية، تتعلق بالصحة العامة للإنسان، لأن هذا الدجل يدفع كثيراً من المرضى إلى الصيام اعتقاداً منهم أنه مفيد في حالتهم، والعلم يؤكد أن للصوم فوائد، وله أضرار صحية كذلك خصوصاً على مرضى السكر والكلى.

لم أفطر يوماً في رمضان من دون عذر، لكن أرى أن هناك كثيراً من النفاق والفصام الديني فيما يتعلق بالصوم أو غيره من الممارسات المرتبطة بالشهر الفضيل، وأومن بأن الصيام مثل كل العبادات الأخرى يجب أن يظل بين الإنسان وربه، ومن القبح أن نتصرف كما لو ينقصنا أجراس في رقابنا تنبه الآخرين إلى أننا صائمون!!

بهذه المناسبة، أود الإشارة إلى أن حكم مداعبة الزوجة في نهار رمضان معروف منذ شرع الصيام قبل 1436 عاماً، ولا أجد مبرراً أن يظل هو السؤال الأكثر إلحاحاً في برامج الفتاوى، وكأن الرجال يكتشفون زوجاتهم هذا الشهر، أو أن رمضانيداهمهم فجأة، فبالله عليكم لا داعي لإثارة الناس بهذه الأسئلة، وداعبوهن بصمت وأريحية حتى مطلع الفجر!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف