المصرى اليوم
جيهان فوزى
«إيفانكا».. الزائر الملهم!!
لم تتخيل سيدة الأعمال الأمريكية وعارضة الأزياء السابقة، ابنة الملياردير الأمريكى دونالد ترامب، أنها ستحظى يومًا بكل هذه النجومية وتتصدر صفحات الجرائد والسوشيال ميديا لتصبح المرأة الأشهر في العالم في مجال السياسة والبيزنس والإثارة.
أثارت «إيفانكا ترامب» منذ دخولها البيت الأبيض الجدل في الأوساط السياسية والرأى العام الأمريكى وسلطت الأضواء عليها مصحوبة بتساؤلات عديدة تتمحور حول سيطرتها وسطوتها داخل البيت الأبيض والتى وصلت لأن تحل مكان السيدة الأولى «ميلانيا»، زوجة الرئيس الأمريكى، لما تتمتع به من حضور وتأثير وقرب من والدها دونالد ترامب، وقد بدأ اسم إيفانكا ترامب يظهر في وسائل الإعلام أكثر من اسم زوجة أبيها ميلانيا، بل إن وسائل الاعلام منحتها منذ زمن لقب «الكاردينال الرمادي» لنفوذها المؤثر في سياسة الرئيس ترامب، وقد برز النفوذ السياسي لإيفانكا لأنها عمليًا شغلت مكان السيدة الأولى ميلانيا ذات الشعبية الضعيفة، فكان لها نشاط واضح في الحملة الانتخابية لأبيها المرشح الرئاسى، وتُتهم إيفانكا بأنها هي بالذات التي دفعت والدها إلى توجيه الضربة الصاروخية إلى سوريا على الرغم من نفيها ذلك، غير أن تأثيرها على والدها لا تخطئه عين.

لكن أن تنتقل تلك العدوى إلى الأوساط العربية إلى النقيض وبهذه الفجاجة ويستحوذ وجودها على اهتمام الإعلام والسوشيال ميديا خلال زيارتها التي وصفتها بالتاريخية للمملكة العربية السعودية فهو أمر يثير العجب والاستخفاف وينم عن الضحالة وزيف الوعى، بل يلخص حالة التدنى والسطحية التي وصل إليها فكر المجتمع الذكورى المتناقض الذي يعانى الشيزوفرينيا بين الفكر والسلوك، تؤكده الواقعة الغريبة من نوعها التي أدى فيها مواطن سعودى مناسك العمرة نيابة عن الرئيس الأمريكى داعيًا له الهداية للإسلام تزامنًا مع زيارته للسعودية في نفاق فاضح وكاشف! فضلًا عن بناء مواطن سعودى آخر مسجدًا للزائرة الشقراء ووضع اسمه «الغالية إيفانكا» لعلها، بحسب قوله، تجد عملًا صالحًا يدخلها الجنة، بينما طلبها آخر للزواج رغم أنها متزوجة!!، أما التغريدات التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعى غزلًا بايفانكا الحسناء فحدث ولا حرج، شيء لا يصدقه عقل من الإسفاف والسفه والتدنى جعل الإعلام الغربى يسخر من هذا الهوس والتحرش الجنسى العلنى دون خجل، فعلقت صحيفة «ديلى ستار» البريطانية على الضجة التي أثارها السعوديون في تعليقاتهم على ابنة الرئيس الأمريكى، مشيرة إلى أن هاشتاج # بنت- ترامب اجتاح «موقع تويتر» بفضل معجبيها الجدد في السعودية ونشرت الصحيفة لقطات لأمير منطقة الرياض، فيصل بن بندر، وهو يرمق «القنبلة الشقراء»، كما وصفتها الصحيفة، بنظرات إعجاب كبيرة!

لقد ترك المغردون المتيمون بالحسناء الامريكية ما دار في قمة الرياض من ملفات غاية في الخطورة وخلصت إليه من نتائج كارثية على العرب جميعًا تصب في مصلحة اسرائيل، وما حصلت عليه الزائرة الشقراء من عطايا تفوق التوقعات تبلورت بصك الاعتراف على قيادتها النسائية الفاعلة في مجال حقوق المرأة وريادتها في عالم المال والأعمال فمنحت 100 مليون دولار دعما لصندوق أسسته خاص بالمشروعات الصغيرة التي تديرها النساء، وما أسفرت عنه هذه القمة من سخاء في المنح والهدايا الملكية والاتفاقيات العسكرية والاقتصادية والاستثمارات الضخمة التي تصب في مصلحة الولايات المتحدة، وراحوا يتبارون بكلمات الإعجاب والغزل للمنتج الأمريكى عالى الجودة! دون أن يستوقفهم ما يرتكب بحق أمتهم العربية من تمزق وامتهان لكرامتها من الزائر الأمريكى ويدفع ثمنها العرب بتفتيت دول المنطقة (سوريا والعراق واليمن وليبيا) لكسر إرادتهم وتمزيق هويتهم ووحدتهم.

إيفانكا التي ولدت مسيحية واعتنقت اليهودية بعد أن تعرفت إلى زوجها جاريد كوشنر، تخلص لدينها الجديد أكثر من دينها الذي ولدت به، تعمل وفق وصايا اليهودية بحذافيرها، فهى تحافظ على قدسية يوم السبت حسب التعاليم اليهودية، وزيارتها معتمرة القلنسوة اليهودية لحائط البرائق حظيت باهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلى ومتابعته أيضا ليس لجمالها كما فعل السعوديون، وإنما لسلوكها وأفعالها التي تأتى تأكيدا على يهوديتها وانتمائها الفكرى المتماهى مع عقيدتها الدينية الجديدة، خاصة أن زوجها مؤمن بالصهيونية ومن الأشخاص المقربين لأبيها والمؤثرين في قراراته السياسية، فهو يشغل منصب المستشار الرسمى للرئيس ترامب، بينما يشير عدم تحديد دورها بصورة واضحة إلى أنها ليست مختصة في مجال ما، بل هي فقط بديل جاهز للسيدة الأولى، لذلك يجب على إيفانكا القيام بنشاط ملحوظ إذ تشير بيانات البيت الأبيض إلى أنها مسؤولة عن القضايا المتعلقة بقضايا المرأة، وتعيينها مستشارة للرئيس أراد به ترامب تأهيلها والسماح لها بالاطلاع رسميًا على بعض المعلومات السرية، أو جعل دورها العلنى بداية لمستقبلها كسياسية معروفة وإظهار أن لديها خبرة في شؤون الدولة، ما يسمح لها بالمنافسة لشغل مناصب مهمة .

الحفاوة والترحيب المبالغ بهما واللذان استُقبلت بهما حسناء البيت الأبيض «إيفانكا ترامب» وأبوها في السعودية، لا يتفقان مع أهداف هذا الزائر ولا تليق بهويته القائمة على الاستغلال وتوسيع النفوذ وفرض السيطرة بحجة الإصلاح والتغيير والمصالح المشتركة في القضاء على الإرهاب، وكان الأولى أن تحظى مفردات القمة بتقييم بعيد المدى لمكاسب الأمة العربية من انعقادها وما ستجلبه نتائجها على المنطقة العربية برمتها من إيجابيات قطعًا لن تكون في مصلحة العرب مهما قدموا من تنازلات ومهما فعلوا لإرضاء أمريكا وإسرائيل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف