المصرى اليوم
أسامة خليل
لجنة الأندية وقصة الذئب والغنم والتحالف ضد الزمالك
«تمخض الجبل فولد فأرا».. تذكرت هذا المثل القديم العتيق والذى تركه لنا أهل اللغة العربية من الفصحاء، للدلالة على تفاهة ما يمكن أن يخرج من بطن الجبل الكبير العظيم الشاهق، وهو فأر صغير يسعى.. والمقصود فى عصرنا الحديث بالمَثل هو أن تتوقع عملاً كبيراً من تجمع عظيم القدر والمكانة، فنجده يخرج بكلام ساذج.ز بالضبط مثل البيان الذى خرج من لجنة الأندية التى اجتمعت قبل يومين تلبية لدعوة رئيس نادى المقاصة وحضره أحد عشر نادياً من أندية الدورى الممتاز، يتقدمهم رئيس النادى الأهلى، ومعهم سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة الأسبق، ومحمود الشامى عضو مجلس اتحاد الكرة السابق.

وعندما تسمع أن اجتماعاً للأندية يعقد لأول مرة هذا الموسم، وأن الأهلى يحضر الاجتماع وهو الغائب منذ أكثر من عامين، تظن أن حدثاً جللاً سيقع وأن أمراً مهماً يتم الإعداد له، وأن الأندية تنبهت أخيراً لمصلحتها وقررت أن تأخذ زمام المبادرة وأن تخرج من تحت عباءة اتحاد الكرة باعتبارها أندية محترفة لها كامل الأهلية فى إدارة المسابقات المحلية، ولكن عندما تقرأ البيان الذى خرج من الاجتماع، والذى سمى «وثيقة الاجتماع»، تكتشف حجم المأساة التى تعيشها كرة القدم، وأن هذه الأندية بدلاً من أن تتحرر من قبضة اتحاد اللعبة كما هو معمول بها فى جميع دول العالم تجدهم يصدرون البيان بديباجة يؤكدون فيها دعمهم الكامل لاتحاد الكرة، ولم أفهم ما إذا كان هذا تحدياً لحكم القضاء ببطلان انتخابات الاتحاد أم دعماً لرئيس الاتحاد فى معركته الكلامية مع رئيس نادى الزمالك.

ودعونى أفند لكم ما جاء فى بيان الاجتماع، الذى كُتب بصيغة موضوع إنشاء ركيك لطالب فاشل فى التعليم الابتدائى لتعلموا حجم المصيبة التى تعيشها الكرة فى القائمين عليها:

أولاً: تركزت أغلب نقاط البيان الثلاث عشرة على أمرين: أن المجتمعين ناس محترمة وملتزمة باللوائح والقوانين والآداب العامة وتحترم الحكام وقرارات اتحاد اللعبة وتدين أى تصرف شاذ من أى شخص أو مسؤول كروى يستخدم نفوذه ويسىء إلى غيره.. وطبعاً هنا معروف سلفاً مَن المقصود، وهو الشخص الذى لم يحضر، وبالتحديد رئيس نادى الزمالك، فهو الوحيد الذى تنطبق عليه الصفات التى جاءت فى البيان.. وتضمن البيان كلاما ساذجا جداً وبديهيا جداً جداً، وكانوا مثل مَن يفسر الماء بالماء من عينة (الكرة مكسب وخسارة) و(عدم المبالغة فى الفرحة عند الفوز أو الحزن عند الخسارة) (الرياضة والبطولة صناعة مهمة)، المحور الثانى الذى ارتكز عليه البيان هو تكرار عبارة الدعم الكامل لاتحاد الكرة والحكام والتعاون معه (لرفع علم مصر وترديد نشيدها وتحقيق آمالها).

ثانياً: أكثر ما استفزنى فى البيان هو النقطة الثالثة التى جاء نصها: «السعى لدى اتحاد الكرة المصرى لإنشاء رابطة الأندية المحترفة للتوافق مع تعليمات الاتحاد الدولى، فكنت أظن أنه بعد غياب اجتماع لجنة الأندية طوال هذا الزمن تكون قد استقرت على لائحة رابطة المحترفين ونظام عملها وتجتمع الآن لإقراره واتخاذ الإجراءات التنفيذية، أما أن يخرج الاجتماع بمجرد السعى فهذا هو «الفأر بعينه!».

ثالثاً: ورغم السذاجة «الطحن» التى جاء عليها البيان إلا أن أهم عبارة كانت فى البند السابع (يجب تشجيع العمل بروح الفريق وتجنب التصرفات الفردية، خاصة فى مجال الدعاية والإعلان بأشكالها القديمة والجديدة مثل الإنترنت والبث التليفزيونى عملاً بالحكمة القائلة «إنما يأكل الذئب الغنم القاصية)».. والمقصود بـ«القاصية» فى قاموس اللغة العربية «الغنم المنفردة»، وهى الغنم التى تمشى بعيداً عن القطيع. وبغض النظر عن أن المثل لا يليق بتشبيه الأندية بالغنم، فإن القصد هو أن التجمع قوة والتفرق ضعف، وهذا هدف مهم جداً، الذى أظن أن الأهلى سعى إليه، فكما سبق وأشرت، فإن البيع المنفرد للبث التليفزيونى له بالغ الضرر على الأندية، حيث إن الشركة الراعية اشترت جميع الحقوق التليفزيونية فى الموسم الماضى من الأندية منفردة بما يقرب من ١٢٠ مليون جنيه، فى حين قامت ببيعها بمبلغ ٢١٥ مليون جنيه فى عقود رسمية. فإذا وضعنا فى اعتبارنا تغير الظروف الاقتصادية بعد تعويم سعر الجنيه، وزيادة نسبة التضخم، وارتفاع عقود اللاعبين والمدربين، فإن سعر البث الفضائى الحصرى لا يقل عن نصف مليار جنيه.

ولكن المهم هنا قبل أن يقود الأهلى الأندية للبيع الجماعى أن يتم الاتفاق على تحديد النسب، وهى بأى حال تتراوح بين ٣٥ و٤٠٪ للأهلى، ومن ٢٥ إلى ٣٠٪ للزمالك. والباقى من نصيب الأندية.. وبالمناسبة هذه النسب عادلة جداً وفقاً للقيمة الإعلانية للناديين الكبيرين وجماهيرية كل منهما، والأكيد أيضاً أن الأندية الصغيرة ستحصل على أكثر من ضعفى المبلغ الذى تحصل عليه الآن، المهم أن يتفقوا ويوقعوا على وثيقة قبل البدء فى البيع الجماعى.

وفى إطار الكوميديا السوداء واستكمال التمثيلية، أرسل المهندس هانى أبوريدة ببرقية تأييد للقرارات اللجنة (بالمناسبة هو من أعد للاجتماع وقراراته).. وردت اللجنة بالدعوة لإقامة حفل لرئيس الاتحاد لتكريمه على نجاحه فى عضوية الاتحاد الدولى (بالمناسبة أبوريدة عضو من ست سنوات سابقة).

الخلاصة، فإن الاجتماع فى هدفه الأساسى كما فهمته هو استبعاد نادى الزمالك وعمل جبهة لمواجهة رئيسه فى حربه مع أبوريدة، وفى المقابل فإن أبوريدة سيتعاون مع أقطاب المواجهة ويذلل لهم مشاكلهم داخل اتحاد الكرة، وإن كنت أتحفظ على أن يشارك الأهلى فى هذه المؤامرة المكشوفة، وهو النادى الكبير الذى لولا حضوره لما كانت للاجتماع قيمة تذكر إلا أننى أتمنى من القائمين عليه الترفع عن الحرب بالوكالة والتواصل مع إدارة الزمالك إذا كانت هناك جدية فى البيع الجماعى والمشاركة الإيجابية فى تعظيم عائد البث للأندية.

هذا ما فهمته.. فهل هناك من فهم شىء آخر؟

■ ■ ■

مؤلم ومحزن وقاس جداً أن تستغل ضعف إنسان وحاجته وعِلّته فى الترويج لنفسك والدعاية لشخصك أو منتجك أو برنامجك من خلال ابتزاز مشاعر الناس واللعب على عواطفهم.

هذا أقل ما يمكن قوله على برنامج «القاهرة - أبوظبى» الذى يقدمه الخطيب مع المذيع الإماراتى يعقوب السعدى فى حلقته الأخيرة، فالحلقة جاءت من الدقيقة الأولى حتى الأخيرة دعاية واضحة وصريحة للكابتن الخطيب، ومواقفه الإنسانية ويده الكريمة وعطفه على اللاعبين القدامى الذين استضافهم فى البرنامج طوال حلقاته والذين عادوا ليسجلوا مرة أخرى ليعيدوا مدحهم بتذلل فى البرنامج والخطيب.. إلى هنا قد يكون الأمر مقبولاً، والبرنامج يسعى لتأكيد يده الكريمة فى الإغداق والإحسان بتذكر هؤلاء اللاعبين العظام.. ولكن غير المقبول إعلامياً وإنسانياً وأخلاقياً ودينياً أن يذهب البرنامج إلى شقيقين شاب وفتاة حرمهما الله من نعمة الإبصار ويصور فى منزلهما الفقير بإحدى قرى منيا القمح ليتحدثا عن حبهما للخطيب وأمنيتهما فى أن يلتقيا به وهما اللذان لم يرياه، بل إن الشاب هشام ولد بعد ثلاث سنوات من اعتزال الخطيب، ولكنه جلس يحدثنا عن أنه رجل القيم والمبادئ والمُثل الذى يحتذى به فى النادى الأهلى (لاحظ الأهلى وليس مصر)، فالمهم هنا الأهلى هكذا تم تلقين الشاب الذى لم يفته التأكيد على أنه يتابع حلقات برنامج القاهرة أبوظبى.

ثم تكتمل بشاعة الصورة والابتذال، الذى أراه رخيصاً ولا يليق ببرنامج تموله قناة فى دولة الإمارات الشقيقة العزيزة علينا جميعاً، والتى يعرف عن أهلها الكرم والأخلاق واحترام آدمية البشر، تكتمل الصورة عندما تتم استضافة الشاب فى الاستوديو، ويدخل الخطيب عليه فى مشهد تليفزيونى ركيك ثم يطلب منه مقدم البرنامج توجيه السؤال الذى يرغبه للخطيب، وهنا تنكشف اللعبة ويظهر الابتذال الرخيص الذى تم استخدام علة الشاب لاستجداء عطف الناس عندما يكون السؤال:

هشام: يا كابتن إن شاء الله حتنزل انتخابات الأهلى القادمة؟

الخطيب: (يضحك) إحنا اتعودنا فى النادى الأهلى، وهو كتلة من المبادئ والقيم، وطالما لسه ماجتش الانتخابات ومتحددش تاريخها ماينفعش نتكلم.

هشام: طب ليه الناس مش زى حضرتك بيحافظوا على المبادئ ومبيجرحوش فى حد؟

الخطيب: النادى الأهلى ولاده اللى بيحبوه فعلا لازم يتمتعوا بأخلاقيات الأهلى، هو ده اللى اتعلمناه.

هشام: بس حضرتك فى صراع انتخابى؟

وهنا يتدخل الأستاذ يعقوب السعدى: يا هشام لسه موضوع الانتخابات فى حلقة الانتخابات انت حتكون معايا (إلى هذا الحد سيصل ابتزاز مشاعر الناس فى الانتخابات).

ثم يختم هشام الفقرة بالمتفق عليه ويقول: مفاجأة لحضرتك وللبرنامج، الكابتن حيترشح وحيبقى رئيس النادى القادم!

إلى هذه الدرجة وصل الابتذال واللعب على مشاعر واستغلال البشر لحاجتهم وقلة حيلتهم فى موضوع انتخابى.

بالفعل، أقولها صادقاً.. أمر مؤسف أن يأتى هذا التصرف من الخطيب من أجل رئاسة الأهلى، التى ربما تغرد أنت فيها منفرداً، وربما لا تخوضها من الأساس، والأكثر أسفاً أن تكون الفقرة فى برنامج إماراتى، فالإماراتيون الذين أعرفهم لا يدغدغون مشاعر الناس بكرمهم أو عطفهم، ولا يتدخلون فى شؤون انتخابات الأندية.

وبمناسبة الحديث عن انتخابات الأهلى التى أتمنى أن يكون القائمون على الأمر والمرشحون المحتملون للرئاسة والعضوية صادقين فى إغلاق الحديث عنها فإننى أنبه على ضرورة أن تلتزم قناة الأهلى التزاماً صارماً بعدم الحديث عنها والتأكيد على الضيوف بعدم التعرض لها من قريب أو بعيد، فالمجاملات المجانية من شأنها أن تضر بمصلحة الأهلى وتنحرف بتوجه القناة وهدفها الأساسى وهو أنها قناة لكل الأهلوية وليست قناة مجلس الإدارة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف