الأهرام
ابراهيم حجازى
المحروسة فى قبضة التعبئة والإحصاء.. الكوفية والابتدائية واللجان الشعبية!.
>> من قبل الزمن بزمان.. مصر تعرف قيمة وأهمية وضرورة الإحصاء والمعلومة والرقم فى حياة الوطن.

مصر سبقت 80٪ من دول العالم بإنشائها مصلحة الإحصاء فى سنة 1887. بعد ربع قرن تقريبًا مصر طورت مصلحة الإحصاء إلى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بقرار جمهورى قرر أن الجهاز هو المصدر الرسمى لإمداد جميع أجهزة الدولة والجامعات ومراكز البحوث والهيئات والمنظمات الدولية بالبيانات والإحصاءات التى تسهم فى أعمال التخطيط ورسم السياسات واتخاذ القرارات وإجراء البحوث والدراسات من خلال التعدادات والبحوث الميدانية المختلفة.

من هذا المنطلق تتضح الأهمية البالغة لهذا الجهاز فى حاضر ومستقبل الوطن!. للتأكيد على هذه الأهمية البالغة.. كانت زيارة الرئيس عبدالناصر للجهاز فى عام 1964.. وإحياء لهذا التأكيد جاءت زيارة الرئيس السيسى للجهاز من شهر!. دور هذا الجهاز وأهمية المعلومات التى يقدمها .. للأسف أغلبنا لا يعرف عنها شيئًا.. وهذه محاولة لإلقاء الضوء عليها من خلال هذه النقاط:

1ـ أى قرار لأى جهة رسمية فى الدولة.. يستحيل اتخاذه فى غياب بيانات وإحصاءات.. والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الجهة الرسمية الوحيدة التى تملك ذلك!. مثلاً.. وزارة مثل التعليم وهى تحاول مواجهة أزمة التكدس فى الفصول الدراسية.. لابد أن يكون أمامها كل معلومة وكل بيان وكل إحصاء لكل مكان فى مصر!. المواليد 2.682.276 مليون فى سنة 2015. الوفيات 573.879 ألفًا وهذا معناه أن الزيادة الطبيعية سنويًا 2.111.397 مليون.

2ـ مقارنة المواليد بالشهور فى سنة 2015.. اتضح أن شهر أغسطس سجل أعلى مواليد 257.776 ألفًا.. بينما فبراير أقل شهر 200.650 ألفا.. بالنسبة للوفيات أغسطس أكبر مواليد هو أكبر عدد وفيات 65.363 ألفًا.. بينما إبريل أقل وفيات 41.648 ألفًا. أكبر محافظة فى عدد الوفيات القاهرة 8.306 آلاف وجنوب سيناء الأصغر فى الوفيات 45 فى السنة.

3ـ البيانات السابقة توضح أن التكدس فى الفصول.. أزمة مستحكمة.. مستحيل حلها مادامت الزيادة السكانية سنويًا ٢ مليون نسمة!. هذه الزيادة تعادل خمسة أضعاف معدل الزيادة السكانية فى الصين!. المعنى أن معدلات الزيادة عندنا هى الأعلى فى العالم كله!. والمعنى أيضًا.. أنه أمام هذا النمو السكانى الرهيب.. صعب صعب حل مشاكلنا المزمنة المتراكمة من سنين طويلة!.

4ـ ونحن نزيد ٢ مليون نسمة سنويًا.. مهما شيدنا من مدارس لن تكفى!. مهما أنشأنا من طرق لن تستوعب!. مهما أنشأنا من مستشفيات.. لن نقدر!. مهما فعلنا فى أى مجال.. لن نحل.. لأننا ببساطة نزيد سنويًا ٨ أضعاف قطر!.

5ـ يوم الاثنين الماضى أعلن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أننا وصلنا إلى 93 مليون نسمة!. هذا الرقم تقديرى.. لأنه يعتمد على تعداد 2006 وهو 72.798 مليونًا، ويضاف له سنويًا ٢ مليون نسمة هم فارق المواليد والوفيات.. وهذا معناه أننا زدنا من 2006 وحتى 2017 أكثر من 20 مليون نسمة!.

6ـ فى أول تعداد سنة 1882 مصر كانت 6.712 ملايين بعد 65 سنة فى سنة 1974 وصلنا 18.967 مليونًا.. يعنى فى 65 سنة زدنا حوالى 12 مليون نسمة!. من 1947 وحتى 2006 مرت 59 سنة وصلنا فيها 72.698 مليونًا!. فى 59 سنة زدنا 54 مليون نسمة.. الرقم مخيف وينبئنا بتصاعد مستمر فى الزيادة وأننا مصممون على غلق كل أبواب الرحمة علينا!.

7ـ بداية الحل.. أن نحول الزيادة التى تتضاعف سنويًا إلى زيادة متناقصة! يعنى إيه؟.. إن كان معدل الزيادة كل سنة 2 مليون تقريبًا فالمطلوب أن يكون السنة المقبلة مليونًا و800 ألف والتى تليها مليون و600 ألف!.

هنا الزيادة السكانية مستمرة لكنها متناقصة.. وبعد فترة زمنية طويلة قد تصل إلى خمسة عقود.. يمكن أن تصبح الزيادة السكانية صفرًا.. أى عدد المواليد يعادل الوفيات.. وإنجلترا مثال.. وصلت إلى المعدل صفر فى الثمانينيات.. ومن يومها التعداد ثابت!.

8ـ من 1882 وحتى 2006 أجرينا 13 تعداداً وقبل الكلام عن التعداد الـ14.. تعالوا لنرى مصر والمصريين بالأرقام على مدى قرنين وربع القرن!. 1882 مصر ستة ملايين و712 ألفًا، فى 1897 مصر تسعة ملايين و669 ألفًا، فى 1907 وصلنا ١١ مليونًا و190 ألفًا، فى 1917 بلغنا 12 مليونًا و718 ألفًا، فى 1927 تعدادنا 14 مليونًا و178 ألفًا، فى 1937 أصبحنا 15 مليونًا و921 ألفًا، فى 1947 كنا 18 مليونًا و967 ألفًا، فى 1960 ارتفعنا إلى 26 مليونًا و85 ألفًا، فى 1966 قفزنا إلى 30 مليونًا و76 ألفًا، فى 1976 مصر 36 مليونًا و626 ألفًا، فى 1986 المحروسة 48 مليونًا و245 ألفًا، فى 1966 مصر 59 مليونًا و312 ألفًا، فى 2006 شرخنا لفوق 72 مليونًا و798 ألفًا.

9ـ التعداد الـ14 فى تاريخنا.. بدأ العمل فيه من منتصف 2016 وينتهى فى أغسطس المقبل!. عمل جبار يقوم به الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء!. كيف؟. الجهاز من خلال شبابه معاونى التعداد.. وأتكلم عن 40 ألف فتاة وشاب موجودين على كل متر أرض مصرية يقطنها سكان!. الجهاز من خلال شباب.. يحصر تعداد السكان ويحصر تعداد الإسكان ويحصر تعداد المنشآت!.

10ـ عمل هائل يسبق التعداد، يبدأ بإنشاء قاعدة تكنولوجية مجهزة لاستيعاب أى حجم معلومات. تجهيز 40 ألف تابلت مجهزة بخرائط رقمية ومتصلة بإدارة مركزية.. شبكة محمول متصلة بين فريق العمل الموجود على الأرض (40 ألفًا) ومركز البيانات الأساسى بمقر الجهاز.

11ـ أتوقف هنا أمام عملية اختيار شباب التعداد.. لأنها نموذج أثبت نجاحًا عمليًا فى تنفيذ واحدة من أصعب المهام!. الذى قام به الجهاز تجربة ناجحة يمكن للوزارات والهيئات الاطلاع عليها والاستفادة منها!. كيف تنجح فى لا وقت فى تدريب مدربين للمدربين الذين سيدربون 40 ألف شاب وفتاة !. بدأوا بـ50 مدربًا من أبناء الجهاز خاضوا دورة متخصصة!. بعدها الـ50 قاموا بتدريب 700 من محافظات مصر لأجل أن يكونوا المدربون للـ40 ألف شاب!. هذا العمل استغرق النصف الأول من عام 2016. بانتهاء تدريب الـ700 مدرب تم انتقاء أكفأ 500 هم من قاموا بتدريب شباب التعداد وأقصد 40 ألف شاب وفتاة.. باجتيازهم التدريب أصبحوا مؤهلين لإجراء التعداد الـ14 فى تاريخ مصر على أرض مصر!.

12ـ الـ40 ألف شاب وفتاة يقومون بعمل جبار!. ما من شارع أو حارة أو زقاق إلا ودخلوه وسجلوا بيانات السكان وبيانات الإسكان وبيانات المنشآت!.

معاونو التعداد أو شباب التعداد ينفذون على الأرض مهمة صعبة.. لأن التعامل مع البشر هو الأصعب على الإطلاق!. 40 الف يجمعون معلومات عن كل شبر فى أرض مصر.. وفى قلعة التعبئة والإحصاء بصلاح سالم قاعدة متابعة ومعاونة واستقبال وتسجيل وتدقيق وتصحيح.. على مدار الساعة واليوم !.

13ـ شباب يقوم بواجبه فى عمل أظنه الأهم لرصد واقع لأجل تحديد معالم مستقبل وطن!. كل معلومات يتطلبها التعداد لابد أن تكون صحيحة.. لتقدم لنا فى النهاية إحصاءً دقيقًا.. لنعرف أين نحن وإلى أين نتجه!.

14ـ يقينى أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.. ذاكرة وطن.. بما ينتجه من معلومات مدققة فى كل أو أغلب المجالات!. يقينى أنه يستحيل التخطيط لأى عمل فى غيابها! يقينى أن هذا العمل الرائع.. نتاج فكر وتخطيط وتنفيذ ومتابعة.. وقبلها وبعدها.. الإدارة!. ابحث عن الإدارة تجدها خلف كل نجاح!. شكراً للواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.

انتهت النقاط التى مفروض أن تضعنا جميعاً أمام مسئوليتنا تجاه أكبر خطر يواجه الوطن!. إنها الزيادة السكانية التى لم يعد لها سقف يَحِدَّها وأصبحت آثارها المدمرة تظهر فى كل مكان وعلى أى شىء!. كلما بنينا مدرسة نكتشف أن الذين وصلوا إلى سن التعليم يحتاجون عشرات المدارس!. الحلول مستحيلة ونحن نزيد 2 مليون فى السنة!.

اللافت للنظر أن هذه الحقيقة المرعبة.. لم تثر اهتمام النخبة والزعامات ومن يدور فى فلكهم.. لا يشيرون لها ولا يتكلمون عنها.. حتى لا يؤيدون عذراً لمن يحكم!.

أسأل النخبة: مفهوم حضراتكم للمعارضة.. أن تضع مصلحة الوطن فوق المصالح.. أم أن الوطن ليس فى الحسبان!.

إن كان هدفكم الوطن.. لابد أن تكون الزيادة السكانية قضيتكم وقضية كل المصريين إلى أن تبدأ الزيادة فى التراجع.. ليبدأ الوطن فى التقدم!.

أعلم أنكم لن تفعلوا.. لأن سوابق أعمالكم.. ليس فيها ما يثبت تورطكم يوماً فى عمل لوجه الله وصالح الوطن!.

..........................................................

>> لا أتكلم عن كون امتحان صعبا أو سهلا.. إنما أتوقف أمام أمر يثير الريبة!. من امتحان الدراسات للمرحلة الابتدائية فى محافظة القاهرة.. أتوقف أمام ما جاء فى امتحان التاريخ!. المقرر الذى تم تدريسه يتحدث عن ثورات 1919 و1952 و25 يناير و30 يونيو.. وفى مادة التاريخ أيضًا حرب أكتوبر!.

امتحان التاريخ أسئلته تناولت ثلاث ثورات 1919 و1952 و25 يناير وأغفلت 30 يونيو وكأنها لم تحدث!. والسؤال الذى جاء عن ثورة 25 يناير قال: ماذا كان سيحدث فيما لو أن اللجان الشعبية لم تكن موجودة!.

وأسأل أنا السادة الذين وضعوا الامتحان وأجازوا هذه الأسئلة: ماذا كان سيحدث فيما لو أن اللجان الشعبية استمرت فى الشارع أسبوعًا واحدًا أكثر؟. الإجابة تقول: كانت مصر غرقانة فى حرب أهلية للآن.. لا قدر الله!. اللجان الشعبية كانت بداية فرض الأمر الواقع.. أمر الفوضى التى ستحكم مصر!. على كل «راس» شارع.. لجنة شعبية!. كل لجنة تسير على هوى «كبيرها»! كل لجنة لها قوانينها «اللى» من دماغها!. تخيل حضرتك وانت راجع بيتك.. كام شارع سيقابلك وكم لجنة ستوقفك وكم لجنة ستسألك.. وأنت فى داخلك نار «قايدة» وسؤال بلا إجابة يدور فى رأسك: «مين دول»؟.

إجابتى عن سؤالك: «دُول» مقدمة الفوضى!. «دُول» بدايات الحرس الثورى!. «دُول» ما كان مقررًا لهم القيام بدور الشرطة فى تنفيذ القانون وحماية الأمان فى ربوع الوطن!. «دُول» الاختراع الشيطانى للتبكير بالفوضى فى الشارع.. والفوضى تحكم وتعم وتنتشر.. عندما يختفى القانون.. وهو اختفى وقتها بالفعل.. وتوقيت غياب القانون هو وقت ظهور اللجان الشعبية!. هو وقت وجود قانون مختلف لكل شارع وكل زقاق!. هو وقت التحضيرات النهائية لتفجير ألغام الفوضى التى تأخذنا للحرب الأهلية.. والطويل يطحن فى «القُصَيَّر» والتخين يفطَّس «الرُفَيَّع» والسنى يتقاتل مع الشيعى.. نار مِسْكِت فى البلد.. شرارتها كانت ستبدأ من اللجان الشعبية.. ولم يحدث هذا يا سادة.. لأن!.

الشرطة عادت والجيش نزل الشارع وقضى على اللجان الشعبية بفرض حظر التجوال.. لتموت المؤامرة قبل أن تولد!.

هذه ملاحظة أولى على أسئلة التاريخ التى يطرحونها على أولاد وبنات فى عمر الزهور!. الملاحظة الثانية.. أن حرب أكتوبر فى مقرر التاريخ.. ومع ذلك لم يأت سؤال واحد عنها.. لأن السيد مؤلف الأسئلة.. تقديره أن اللجان الشعبية فى 25 يناير دورها أهم من جيش مصر العظيم فى حرب أكتوبر!.

هل اللجان الشعبية أصبحت جزءًا من تاريخ مصر.. لتتصدر أسئلة تاريخ مصر المقرر على الشهادة الابتدائية؟ وهل حرب أكتوبر فى طريقها للخروج من ذاكرة مصر؟.

الملاحظة الثالثة.. و»التالتة تابتة كما يقول المثل».. السيد المؤلف يعرف ما يريد ومصمم على ما يريد.. عنده ثورة 30 يونيو هى الأقرب لذهن الأطفال وإلى الإجماع الشعبى الهائل عليها.. ومع ذلك أغفلها وأغفل وقفة 30 مليون مصرى أسقطوا الإخوان.. ونسفوا المؤامرة!.

أغفل أعظم ملحمة صنعها الشعب فى تاريخ الوطن.. وتحدث عن مسخرة اسمها اللجان الشعبية!.



للعلـــــــــــــم
>> لأن موسم انتخابات الرئاسة بدأ مبكرًا.. فقد ظهرت «البشاير» من كام يوم.. بما وصفوه فى جريدة.. بالحراك الثورى الذى أدى لاندماج.. «كُتَل».. وأيضًا الوصف لجريدة.. وإن كنت فى دهشة من حكاية «كُتَل».. ما علينا!.

ما لفت نظرى فى هذا الموضوع.. الصورة التى نشرتها صحيفة عن الحدث وظهرت فيها واحدة من «الزعامات» فى «لقطة زعامة» توضحها معالم الوجه!. الذى شد انتباهى «الكوفية» التى التحفت بها «الزعامة».. فى اللقطة التى تجىء فى مناسبة تلاحم القوى الثورية!.

ولأننا نحفظ دون فهم ونقلد من غير معرفة.. فإن «الكوفية» التى نتصور أنها مازالت صَكْ كفاح وحدوتة فداء ومشروع نضال.. لا نعرف أنها كَفَّرَتْ من الشعارات والمزايدات.. وخَلَعِتْ من القضية.. التى عاشت سنوات العنوان الوحيد لها.. وكيف لا تكون.. والكوفية رمز الكفاح وأيقونة المقاومة الفلسطينية!.

عاشت الكوفية الفلسطينية سنوات المجد.. وقت كانت العمليات الفدائية تزلزل العالم.. وقت عرف العالم كله أن الكوفية الفلسطينية.. هى عنوان المقاومة ومحراب الشهادة ورمز الفداء.. إلا أن!.

كل هذه الأمور لم يعد لها دور على أرض فلسطين من أواخر الثمانينيات.. من وقت انقسم الفلسطينيون!. من وقت رفع الفلسطينى السلاح فى وجه أخيه الفلسطينى!. من هذا الوقت لم يعد للكوفية أى رمزية أو أدنى علاقة بالقضية!.

هنا أسأل: الكوفية التى ظهرت مؤخرًا على كتف واحد من «الزعامات الثورية».. إلى ماذا ترمز فى رأيه!.

للمقاومة والكفاح والنضال؟!.

أنا موافق.. شرط أن نعرف.. مقاومة مَنْ ونضال ضد مَنْ؟. رحمتك يارب!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف