عاصم ابو المعاطى
نحو عالم أفضل: مفاتيح السعادة الحقيقية
كيف يحصل الإنسان علي السعادة في الحياة وهل هناك سعادة حقيقة وسعادة وهمية .إن الله خلق الإنسان من مادة وروح وكما أن للمادة إحتياجات أساسية لا تحيا بدونها من (مسكن وملبس ومطعم ومنكح ............. إلخ) فإن الروح لها إحتياجات ضرورية لا تقوم حياتها إلا بها. إن الإنسان إذا ضيع وجبة أو وجبتين في اليوم يشعر بجوع شديد فهل يحدث ذلك للروح؟ . إن البدن خلق من التراب ويتمتع بالتراب من ملبس ومسكن وغير ما سبق ويصير تراباً في النهاية بعد الموت " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخري " "سورة طه " أما الروح فلا تموت فهي علوية خلقت لتبقي ولا تتغذي وتنسجم إلا بالأشياء العلوية. إن الله تبارك وتعالي العليم الحكيم أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم " سورة النجم " وقال ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" سورة الملك" أرسل الرسل بمفاتيح السعادة والتي من خلالها يتحقق التوازن والإنسجام بين سعادة الروح وسعادة البدن أعني غذاء الروح وغذاء البدن دون أن يطغي أحدهما علي الآخر وقد ورد عنه "صلي الله عليه وسلم" أنه عندما سمع عن ثلاثة من الصحابة ذهبوا لأهل بيته للسؤال عن عبادته فتقاللوها أى إعتبروها قليلة ثم قالوا لبعضهم البعض إنه " رسول الله صلي الله عليه وسلم " قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال احدهم أما أنا فأصوم الدهر وقال الثاني أما أنا فسأقوم الليل إلي أن أموت وقال الثالث وأما أنا فلن أتزوج النساء فغضب الرسول " صلي الله عليه وسلم " وقال ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا . أما إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني وهذا هو الإعتدال فأسس بذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم النظام المتوازن بين غذاء الروح وغذاء البدن وهي ميزة الأمة الإسلامية. وليست رهبانية كما يفعل بعض أهل الكتب أو بعض الطوائف من المسلمين والذين فقدوا الإنسجام بين المادة والروح. فهم يعيشون فى سعادة وهمية بالإهتمام بجانب الروح على حساب البدن وهذا منافى للدين فقال "صلي الله عليه وسلم " لا رهبانية في الإسلام وقال الله عنهم ورهبانية إبتدعوها " سورة المزمل ". ولا هي مادية كالذين عبدوا العجل من أهل الكتاب وغيرهم من عبيد المال والنساء وغير ذلك من أعراض الدنيا فهم أيضاً يعيشون سعادة وهمية. فشرع الله نظاماً يحقق التوازن النفسي بين إحتياج البدن وإحتياج الروح بدون أن يطغي أحدهم علي الآخر فقال الله تعالي وكذلك جعلناكم أمة وسطا " سورة البقرة" وكان "صلي الله عليه وسلم " ما خير بين أمرين إلا إختار أوسطهما ويظلم الإنسان نفسه ويشقي إذا أسرف في جانب علي حساب الآخر فقال الله تعالي وكلوا واشربوا ولا تسرفوا وقال "صلي الله عليه وسلم" لصحابته عندما أرادوا أن يتعبدوا كثيراً ساعة وساعة ولنا في قصة سلمان مع أبي ذر "رضي الله عنهما " الدرس الناجع فلقد لمس سلمان الفارسي أن أخاه أبا ذر لا يهتم بأهله وبيته لإهتمامه الشديد بتعبده فطلب منه أن يكون ضيفه فرحب به. وعندما أتي وقت الغداء قدم له أبا ذر الطعام وقال تفضل فإني صائم فرد عليه سلمان وقال لا آكل حتي تأكل وإكرام الضيف في الإسلام أن يفطر ويأكل مع ضيفه إذا كان صومه تطوعاً فأكل وعندما أتي الليل وصليا العشاء ذهب سلمان فنام ونهض أبا ذر ليقوم الليل فطلب منه سلمان أن يأتي فينام ثم يستقيظا قبيل الفجر للتهجد فوافق وفي الصباح شكا ذلك لرسول الله " صلي الله عليه وسل" فقال " صلي الله عليه وسلم" صدق سلمان دون أن يبلغه بما قال سلمان فلقد كانت وصية سلمان لأخيه أبا ذر في الليل " إن لربك عليك حقا وإن لبدنك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فاعطي كل ذي حق حقه " .
إن مفاتيح السعادة الحقيقية لا تستمد إن لا من خالق البشر العليم الحكيم الذى يعلم مادة الروح والبدن وبأي شئ تستقيم فأرسل الرسل بمفاتيح السعادة وأكمل الدين بإمام المرسلين " صلي الله عليه وسلم" فمن يا قوم يستطيع أن يضع منهجاً يسعد الناس صانع الصنعة أم الصنعة فلقد أرسل الله محمداً " صلي الله عليه وسلم " بمفاتيح السعادة وأمرنا بإتباعه فقال "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم" حياة الحقيقة والتي بها تحقق السعادة الحقيقة. وكل من يعيش علي غير إتباع منهج الله فهو تعيس وإن بدا للناس أنه سعيد فسعادته سعادة وهمية إن روحه تعاني وتبكي داخله مهما بلغت غرائزه أعظم درجات الشبع ولكنه يزداد عطشا و جوعا و لا يدري. و بتتبع أخبار أثرياء العالم الذين حاولوا الأنتحار مرات و مرات. كان السؤال الحائر لماذا أقدمتم على ذلك, ليس عندكم مشاكل تذكر تتمتعون بالصحة و الجاه و الغنى و نساء و أصدقاء. الحقيقة إن بعضهم ممن لم يتعرض لأى ضغوط, سئم الحياة , فبعد أن أشبع بدنه بكل ما يشتهى لم يشعر بالسعادة الحقيقية, كان هناك شئ يصرخ بداخله و كلما أسرف فى إباع بدنه زاد صراخه و عويله, إنها الروح تئن و تتألم و لا جدوى فهو لا يعرف ما ألم بها , تاه فى تشخيص الداء فأسرع يرتشف الخمر ظنا منه بأن هذا ما تريده من السعاده, ثم أفاق ووجد أنه مازال تعيساً, إنه لازال يعيش فى وهم السعادة, لم يعرف السعادة الحقيقية لم يدرك كيفية الوصول إليها و قد يموت هكذا. فخرج يطلب شلة الأنس حيث الحفلات الصاخبة و النساء . و عندما يعود للنوم من فرط المجهود و يستيقظ يجد نفسه تعيساً. و هو على هذة الحالة يتقلب فى الملذات و الشهوات و المسكرات و الإدمان للعقاقير و المخدرات. فيبلى بدنه ولكن الروح لا تبلى بل تمل و تزهق من هذا البدن , تصرخ و لا يعرف كيف يجيبها . و هنا يأخذ القرار أن يتخلص من بدنه الذى عاش يمتعه بكل مايريد. كثيرون من هؤلاء كانوا لا يؤمنون بوجود الله , أو كان مقلداً دون يقين. و بعد أن عرف طريق الهدايه حكى قصته بعد نجاتة من الإنتحار, و لكن للأمانة لاأذكر الأسماء. لقد أكرمنى الله بلقاء بعض هؤلاء و تحولوا من الإلحاد إلى الإيمان بالله الواحد الأحد. و العجب أنهم بعد التحول يحسن إتباعهم لمنهج الله, نظرت الى أحدهم يوما ما كان يصلى و كأنه يتكلم مع ربه, إحتقرت عبادتى عندما كنت أنظر إليه, تعلمت منهم الكثير و الكثير. اللهم إجعلنا من السعداء . أميين