الجمهورية
سامح محروس
ديون المؤسسات الصحفية!
اتعجب من تصريح يختزل فيه قائله مشاكل المؤسسات الصحفية القومية بالحديث عن ضرورة إسقاط ديون هذه المؤسسات دون أن يوضح ماهية هذه الديون وطبيعتها وكيف يتم اسقاطها ومن الذي يملك اتخاذ ذلك القرار.. ثم ما الذي يضمن عدم تراكمها مرة أخري في المستقبل؟
صحيح أن ديون المؤسسات تعد واحدة من أخطر التحديات. إلا أن الأهم هو بحث مستقبل هذه المؤسسات؟ ولماذا خرجت مؤسستان من الخدمة وتم دمج اصداراتهما بصحفييهما إلي المؤسسات الكبري الثلاثة: الأهرام والأخبار والجمهورية قبل أكثر من 10 أعوام؟ وماذا سنفعل مع مؤسسات أخري خرجت من الخدمة ولم يعد لها أثر يذكر في سوق الصحافة؟
وتبلغ ديون المؤسسات القومية .. باستثناء وكالة أنباء الشرق الأوسط التي تم ربط ميزانيتها بالموازنة العامة للدولة لخصوصية نشاطها.. نحو 12 مليار جنيه تتوزع ما بين ديون سيادية. وديون ممتازة. وديون تجارية. وديون ناتجة عن عجز الإيراد الجاري.. وغيرها..والتعامل مع هذه الديون يستلزم دراسة تفصيلية من جانب أساتذة المالية العامة لميزانيات المؤسسات وفرز كل نوع منها علي حدة.. ثم بعد ذلك يثور السؤال: من الذي يملك اتخاذ قرار باسقاط هذه الديون؟
والاجابة: أنه لا توجد ¢وصفة¢ موحدة للتعامل مع الديون مع تعدد الجهات الدائنة للمؤسسات.. فهناك ديون تستلزم قراراً سياديا مباشراً وهناك نوع آخر من الديون يمكن اسقاطه بتشريع يصدر من البرلمان. وثمة نوع ثالث يستلزم الدخول في مفاوضات مباشرة مع البنوك التجارية. إذ أن أموال هذه البنوك ليست ملكاً للحكومة. بل هي أموال مودعيها.. ولسبب أو لآخر تعثرت المؤسسات في السداد. ويمكن للبنوك أن تتخذ قراراً باسقاط فوائد هذه الديون من بند ¢المخصصات¢ للتعامل مع القروض الرديئة أو المعدومة طبقاً لمقررات ¢بازل¢.. مع إمكانية العودة للدولة مرة أخري للتخلص من أصل الدين لا سيما إذا كان قد تم استخدامه لإضافة أصول جديدة.
وأذكر أن الدين الخاص باحدي المؤسسات تجاوز رقم ال500 مليون جنيه. وهو في الأصل بدأ ب63 مليونا استخدم لإقامة مبني وشراء مطبعة جديدة. بما يعني اضافة قوي انتاجية جديدة. ولم يكن هذا القرض ناتجاً عن عجز إيراد المؤسسة..ونصل إلي النقطة الأخطر: ماذا بعد إسقاط الديون؟
مطلوب وضع آلية لمنع تراكمها مرة أخري. وهذا لن يتحقق بين عشية وضحاها بالنظر إلي الخلل الواضح في الهياكل التمويلية للمؤسسات التي لم تطور نشاطها بما يستحق. إضافة إلي كونها مكبلة بجيوش من العمالة تفوق احتياجاتها بأضعاف..وهذا يستلزم وضع خطة متعددة المراحل للحد من الخسائر السنوية للمؤسسات أملاً في الوصول إلي اليوم الذي تستطيع فيه تغطية أعبائها ولن نقول تحقيق أرباح.. وبالتوازي مع ذلك يجب تطبيق مفهوم ¢المؤسسة الإعلامية المتكاملة¢ التي يتجاوز فيها دور المؤسسة الصحفية مجرد إصدار صحف ورقية خاسرة ومحدودة الانتشار. لتصبح مؤسسة إعلامية يتكامل فيها النشاط الصحفي الكلاسيكي مع أنشطة الصحافة الالكترونية والفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي عبر غرفة أخبار موحدة تتولي مسئولية ذلك وإدارته..الصحافة ليست مجرد حرفة أو هواية.. إنما هي صناعة حساسة وضخمة لها قواعدها الفنية وحل مشاكلها يستلزم تحركاً علمياً مدروساً.. وليس إطلاق الشعارات الخالية من أي محتوي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف