المساء
حسام حسين
"كل شيء معمول حسابه كويس"!
يُحسب لوزير التربية والتعليم. إقراره بالواقع المرير لمنظومة التعليم في مصر. ذلك أن الاعتراف بالأزمة. جزء من الحل. بل الانطلاقة الحتمية نحو إنهاء أي مشكلة. مهما كانت بسيطة أو معقدة.. قال الوزير. في مؤتمر جامعة القاهرة.: إن الدستور ينص علي مجانية وجودة التعليم.. والحقيقة المـرة التي يؤكدها الواقع التعليمي. أنه لا مجانية ولا جودة؛ فالناس مرضي بالثانوية العامة!
ويُحسب أيضًا للوزير أنه لم يكتف بالبكاء علي اللبن المسكوب. بل شرع في طرح مبادرة إصلاحية. يراها ثورة تصحيح لمسار التعليم من الألف إلي الياء. وينتظر نتائج الحوار المجتمعي حولها.. ترتكز علي نظام جديد للثانوية العامة. يعتمد علي مجموع تراكمي للسنوات الثلاث. بمدة صلاحية 5 سنوات للشهادة. دون تشعيب إلي أدبي. وعلمي. وإقرار اختبارات القدرات. كبديل لتنسيق القبول بالجامعات.
دعنا نعترف أولاً بأن نظام تنسيق القبول بالجامعات. عجز عن ترشيح الطالب المناسب. للكلية المناسبة؛ فاتجه الكثيرون لدراسة علم لم يرغبوه. ولم يتلاءم مع قدراتهم. ومن ثم عجزوا عن فك الطلاسم. واستيعاب المناهج المقررة. وتخرجوا بشهادات علمية طالما افتخروا بها. وعلقوها علي جدران منازلهم. لكنهم لا يفقهون شيئًا مما يفترض فيه الإتقان.. وهكذا ضاعت زهرة العمر في تحصيل الوهم الكبير. والخروج إلي الحياة العملية بـ "صفر مهين"!
لا نري في اختبارات القدرات البديل الآمن لتنسيق القبول بالجامعات. وقد لامس الوزير مخاوفنا من تسلل فيروس المحسوبية. والواسطة إلي الالتحاق بالتعليم العالي. لكنه اكتفي بالنفي. قائلاً: "كل شيء معمول حسابه كويس". دون بيان الضمانات الواجبة لقطع أي طريق للتلاعب. ونتمني أن يخرج علينا خلال الفترة المقبلة بآليات تنفيذية واضحة تحمي النظام المقترح. من ذلك الفيروس اللعين.
ولا نري أيضًا. في إقرار المجموع التراكمي بالثانوية العامة. سوي إضرار عمدي بدخل الأسرة. المغلوبة علي أمرها. المضطرة صاغرة لمنح ابنها دروسًا خصوصية في ثلاث سنوات. بدلاً من عام الشهادة فقط.. وليس نظام المرحلتين عنا ببعيد؛ فالعبرة بتوفير نظام تعليمي جاذب داخل أسوار المدرسة التي هجرها كثير من المعلمين والطلاب. ومناهج مطورة تلبي حاجة العصر. ويمكن الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة. فيما يتواءم معنا.
عمومًا. جميل أن يعترف الوزير بالأزمة. ويشرع في حلها بمبادرة نتفق ونختلف حولها. من خلال حوار مجتمعي مثمر يشارك فيه كل أطراف العملية التعليمية. وأولياء الأمور. والمعنيون بهموم الوطن من علماء ومفكرين وغيرهم. علي أن نستفيد من عقول مصر المهاجرة.. فكما قال د. فاروق الباز. إن تطوير التعليم. المخرج الوحيد مما وصفه بـ "الخيبة اللي إحنا فيها"!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف