الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
فلسفة الجمال
يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "إن الله جميل يحب الجمال". ذلك أنه عندما قال "صلي الله عليه وسلم": "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر". خشي أحد الحاضرين أن يقع في شئ من ذلك دون أن يدرك. فأراد أن يحتاط لنفسه. فقال: يارسول الله. إن الرجل يحب أن يكون نعله حسنا وثوبه حسنا. فقال: "صلي الله عليه وسلم": "إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس".
والجمال نوعان: حسي ومعنوي. أما الحسي فهو كل ما يثير البهجة ويؤدي إلي انشراح النفس. حيث يقول الحق سبحانه: "والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون" ويقول سبحانه: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون". ويقول سبحانه: "إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين". ويقول سبحانه: "ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين". ويقول سبحانه: "وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم". ويقول سبحانه: "وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون".
بل لقد أمرنا القرآن الكريم بأن نتجمل أحسن التجمل. وأن نأخذ زينتنا عند كل مسجد. فقال سبحانه: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين أمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون".
أما النوع الآخر من الجمال فهو الجمال المعنوي. والجمال النفسي. حيث يقول الرافعي: إن خير النساء من كانت علي جمال وجهها في أخلاق كجمال وجهها. وكان عقلها جمالا ثالثاً. ويقول جبران خليل جبران:
والذي نفسه بغير جمال
لا يري في الوجود شيئا جميلاً
ويقال فلان جميل. ويعني بذلك جمال الخلق والطبع والنفس. يقول الشاعر الأموي نصيب بن رباح مولي عبدالعزيز بن مروان. وينسب مثله لعنترة العبسي:
لئن أك أسوداً فالمسك لوني
وما لسواد جلدي من دواء
ولكن تبعد الفحشاء عني
كبعد الأرض عن جو السماء
ويقول الشاعر الأموي المقلب بالحيقطان:
لئن كنت جعد الرأس والجلد فاحم
فإني لسبط الكف والعرض أزهر
وإن سواد اللون ليس يضائري
إذا كنت يوم الروع بالسيف أخطر
ونظر أحدهم إلي ي فقال:
فإلا تك المرأة أبدت وسامة
فقد أبدت المرأة جبهة ضيغم
ويقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم".
وفي مقابلة الجمال تري الوجه الآخر لمن ملئت حياتهم بالسواد والقبح. والحقد علي المجتمع. فلجأوا إلي التشويه والتدمير. علي شاكلة ما نجده من قبح حسي قائم علي الفساد والدمار والتخريب الحسي الذي نراه في آثار وبقايا وأنقاض المناطق التي دمرها الإرهاب والإرهابيون. أو قبح معنوي من خلال ما تقوم عليه أفكار المنتمين للجماعات المتطرفة والمتشددة من نقمة علي المجتمع بأثره. ورميه بالجاهلية أو بالكفر بحيث تنتقل تلك الجماعات والعناصر الضالة من التكفير إلي التفجير والعمليات الانتحارية التي لا علاقة لها بالإسلام ولا بالأديان ولا بالإنسانية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف