الأهرام
عماد رحيم
دبلوماسية البيئة المصرية .. قصة نجاح
من حين لآخر وسط تموجات الحياة وانشغال الناس بهمومها خاصة ونحن نمر بظرف اقتصادى صعب يحتاج لتكاتف فعال من كل أبناء الشعب لزيادة مدخلات الموازنة العامة المصرية،
لتقل الفجوة بين الإيرادات والمصروفات، يكون من المناسب إلقاء الضوء على جهود مخلصة من شأنها إحداث تغيير نوعى وكمى فى تحسين الصورة الذهنية عن مصر بدرجة قد تؤتى ثمارها إذا أحسن استغلالها.

أتحدث عن استضافة مصر لمؤتمر الأطراف «الـ14» لإتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى فى خريف العام المقبل، تلك الاتفاقية التى تم التوقيع عليها فى مؤتمر قمة الأرض فى ريو دى جانيرو فى 5 يونيو 92، ودخلت حيز التنفيذ فى ديسمبر 93، تضم أطراف الاتفاقية جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة مع استثناء الولايات المتحدة، بالإضافة إلى جزر كوك ونييوى وفلسطين.

وفى خضم مساعى تركيا لاستضافة المؤتمر، نجحت الجهود الدبلوماسية الفاعلة التى بذلها الوفد المصرى برئاسة وزير البيئة د. خالد فهمى، فى بناء تكتل سياسى أفريقى لدعم مصر التى أظهرت تميزاً فى الحصول على 5 مليارات دولار لدعم الطاقة الجديدة والمتجددة فى أفريقيا فى قمة التغيرات المناخية فى باريس 2015، تزامناً مع رئاستها لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة «الأمسن» من مارس 2015 إلى مايو 2017، مما أوجد لمصر نفوذاً قويا متفرداً على المستوى الأفريقى، أكسبها بريقاً لافتاً ومنحها ثقلاً دولياً بارزاً، بشكل جعل التفاوض مع تكتل أمريكا اللاتينية بالاضافة إلى مجموعة الصين والـ77 دولة، والمجموعة الأوربية، أكثر قوة، ورغم أن تركيا عرضت 25 مليون دولار لاستضافته إلا أن الأمر لم يصل للتصويت ومر بدعم الأطراف الدولية للطلب المصرى.

وهو ما يدلل على تنامى قوة مصر الاقليمية والدولية حيث إن هذا المؤتمر يعقد لأول مرة فى الشرق الأوسط ، يجتمع به 192 دوله، مع 30 ألف مشارك على المستويات الرسمية والأهلية والاعلامية.

ولنا أن نتخيل مميزات نجاح المؤتمر الذى يستمر إنعقاده لأكثر من أسبوعين، بمدينة شرم الشيخ، بداية من إيجاد صورة ذهنية مبهرة عن مصر التى تمتلك ثلث آثار العالم، فكل فرد من المشاركين يمكن أن يكون بمثابة سفير لمصر فى بلده لنقل انطباعه الايجابى عن حضارة مصر التى واتتها فرصة لا تتكرر كثيراً للتعبير عن قدراتها السياحية المذهلة، ويتأتى ذلك من خلال وضع تصور مبتكر ومتكامل لبرامج ترفيهية تتمكن خلالها الوفود من التنقل بين أهم المعالم السياحية بسلاسة، وللحقيقة نحن نملك من الامكانات الأمنية والبنية الاساسية السياحية، والخبرات البشرية فى تنظيم المؤتمرات ما يؤهلنا للنجاح، وهو ما يرسخ لعودة السياحة بقوة باعتبارها أحد العوامل الرئيسية لزيادة الاحتياطى الدولارى.

ثانياً، ما تسعى إليه إن جاز لنا أن نطلق عليها «دبلوماسية البيئة المصرية» فى شأن إدماج البعد الاقتصادى فى «التنوع البيولوجى» كأحد أهم الوسائل للقضاء على الفقر من خلال توفير فرص عمل وذلك بالسعى على دمج مفهوم التنوع البيولوجى فى مختلف القطاعات التنموية كالسياحة والزراعة والمصايد وغيرها بما يحقق أقصى نفع اقتصادى إضافة إلى تواصل استدامة تلك الخدمات التى يقدمها كل من التنوع البيولوجى والنظم البيئية للأجيال القادمة. سيما أنه فى 22 ديسمبر 2010 أعلنت الأمم المتحدة الفترة من 2011 إلى 2020 «عقد الأمم المتحدة المعنى بالتنوع البيولوجى»

ثالثاً، نجحت مصر فى تكوين قاعدة ثلاثية مع المكسيك حاضنة المؤتمر الـ 13 والصين راعية المؤتمر الـ 15 فى 2020، بما يؤدى لتعظيم الاستفادة من كل الخبرات الدولية المتاحة ونقلها للمجتمع المحلى لتنميته على كل المستويات. وتجب الإشارة إلى نجاح الوفد المصرى فى تحقيق أهدافه فى الاجتماع الـ13 لدول الأطراف «174 دوله» لاتفاقيات بازل وروتردام واستكهولم للمخلفات العضوية بشأن التحكم فى نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود والذى انعقد مؤخراً فى جنيف وانتهت أعماله الجمعة الماضية، بعد أن تم تأجيل القرار على معايير الالتزام بالاتفاقية للمؤتمر المقبل، وإضافة بعض المواد العضوية الثابتة، مع حصول الدول النامية على فترة سماح لمدة 5 سنوات، وتقديم الدعم لبرامج التنفيذ.

تلك الاتفاقية التى تمكن أى طرف منع استيراد النفايات الخطرة وغيرها إلا بعد إطلاع الأطراف الأخرى على هذا القرار ولا يجوز لهم أن يسمحوا بتصدير النفايات الخطرة إلى نفس الأطراف التى حظرت استيرادها.

ومع الإشادة المستحقة لتلك الجهود الدبلوماسية المتميزة التى ظهرت فى محافل دولية متعددة، وأسهمت فى صنع مكانة عالمية راقية لمصر، يبدو من اللازم التوقف عند بعض النقاط المهمة، على رأسها، البدء فوراً فى تسخير كل الإمكانات المطلوبة للتحضير الجيد لمؤتمر التنوع البيولوجى لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذا التجمع الدولى الفريد.

ثانياً، دراسة كل السبل المتاحة والممكنة لتعظيم النتائج المرجوة من انعقاده فى مدينة شرم الشيخ التى تحظى بسمعة مرموقة فى كل أنحاء العالم، سواء على الصعيد السياسى أو الإقتصادى، برؤى من شأنها وضع بلدنا فى مكانة تليق بتراثها الحضارى العريق .

وأخيراً تحيا مصر وستحيا دائماً بفضل جهود المخلصين من أبنائها الذين لا يدخرون جهداً يسهم فى صناعة نهضتها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف