الأهرام
أنور عبد اللطيف
سر مكالمة السادات.. وجريمة ويكيبيديا بحق العميد
رن جرس التليفون فانتفض صالح جودت رئيس تحرير الهلال واقفا، وكان المتحدث هو الرئيس انور السادات وسأله :

فين الدكتور طه حسين يا صالح؟ فرد صالح جودت: مات يافندم الله يرحمه .

فقال الرئيس : أنا (عااارف) لكن أين اهتمام الهلال به . فقال رئيس التحرير: حظه أنه مات فى اكتوبر وخصصنا عدد أكتوبر كله عن الانتصار الذى رفع رأس العرب كلهم، فقاطعه الرئيس: شوامخ الفكر أمثال طه حسين والعقاد وعمر مكرم والدكتور هيكل وشوقى وأحمد أمين ولطفى السيد، هم صناع الانتصار زى الجيش (تمااام)، ومصر لا تأكل أبناءها يا صالح!·

فرد صالح: كتر خيرك يا فندم، العدد القادم بإذن الله, واصدر الهلال عددا كاملا عن طه حسين فى إبريل 1975. تصدرته كلمة لرئيس التحرير يقول فيها: «طاها» حسين ما شاء الله ان يفقد بصره ليشقى، بل ليعوضه عن نور عينين اثنتين بنور ألف عين فى بصيرته، ترى من الدنيا مالا نراه نحن المبصرين، وتقرأ وتكتب وتروى مالا تراه العيون، وبعده جاء مقال السادات، وكتب فى العدد يوسف السباعى وسيد نوفل وإبراهيم مدكور وسعيد عقل.. ومحمد أحمد خلف الله.. هرعت إلى موقع البحث جوجل لأعرف تاريخ ميلاد عميد الأدب والفصحى واللغة العربية لأنشره بالمناسبة فى ملحق الجمعة فعثرت على كارثة بالعامية العبيطة على ويكيبيديا الرئيسية لا تحتمل الانتظار هذا جانب منها بالنص:

(طه حسين ، كان بيحب يتكتب اسمه طاها حسين، اتولد بعزبة الكيلو، مغاغة، المنيا، 14 نوفمبر 1889، و... اتلقب بعميد الأدب العربى لكن رغم كده كان بيرفض فكرة ان مصر عربية وكان بيؤمن بإن مصر بتنتمى لثقافة البحر المتوسط مش للمنطقة العربية..، و اتعمى نتيجه للجهل و هو لسه عيل صغير. عاش فى قريته السنين الاولى من حياته و اتعلم فى الكُتّاب وبعدين راح على القاهرة مع اخوه الكبير عشان يلتحقو فى الأزهر. و..التحق بالجامعة الاهلية، و راح فرنسا فى بعثة تعليمية، و رجع مصر سنة 1925 واتعين أستاذ فى الجامعة المصرية وبعدين اتعين عميد لكلية الآداب وبعد كده بقى عميد لجامعة اسكندرية وبعدين بقى وزير للمعارف. وفى فرنسا اتجوز من شريكة حياته «سوزان بريسو» Suzanne Bresseauu اللى ساعدته جامد كجوز أعمى وكجوز كاتب واديب..)

استغربت من ركاكة الأسلوب وكم الأخطاء النحوية فى تقديم عميد الأدب العربى، فهرعت إلى الأستاذ نبيل الطاروطى رئيس تحرير مجلة لغة العصر وسألته كخبير فى تكنولوجيا المعلومات:

ماهى الحكمة من تعريف عميد الأدب والثقافة العربية بهذه الركاكة فى صفحته الرئيسية على ويكيبيديا مصر، التي يلجأ إليها للأسف ملايين القراء والطلاب والباحثين؟ ولماذا لا يوجد لهذه الصفحة مجلس تحرير ينقيه من التفاهة والأخطاء النحوية البشعة مثل: أتلقب واتعين واتعمى وبعدين راح على القاهرة مع أخوه، واتجوز من سوزان اللتى ساعدته جامد؟! فقال لى الطاروطى الخبير فى صحافة المعلومات: لقد أعددنا ملفا كاملا فى «لغة العصر» عن الأمن الفكرى للمجتمعات ودور هذه المواقع والصفحات فى هز ثوابت الأمة بدعوى التبسيط والعامية المصرية، وطالبنا بضرورة انطلاق حملة فى المدارس والجامعات للتوعية بخطورة الاعتماد عليها كمصادر للبحث ..

وسؤالى الآن إلى الأستاذ حلمى النمنم الحارس على ثقافتنا: هل هذا يليق بطه حسين الذى خاطبه وزير الثقافة يوسف السباعي بنفس العدد: والدى العميد وسيدى .. كنت تحول بيننا وبين التردي وتهدي خطانا حتي لا نتجاوز اليسر فيصبح تهاونا بقدر اللغة وخروجا علي سلامتها، وكأن صاحب «العمر لحظة» تنبأ بمستقبل الثقافة المصرية والعربية بعد أن دخل على خط تشكيلها مواقع «التحشيش» الاجتماعى والمتلاعبون بالعقول فى السوشيال ميديا، وكتب عنه أيضا صالح جودت: سيد السهل الممتنع ورائد أصحاب الأساليب فى هذا العصر وفاتح أبواب العلم للملايين والتراث الغزير الذى سيرويه كل جيل للجيل الذي يليه إلى ما شاء الله.. وقال عنه الرئيس السادات فى مقال بنفس العدد: الدكتور طه حسين يمثل قمة منفردة، تفرد بنشأته الأولى وتفرد بصراعه مع الأحداث، وتفرد بصموده أمام السلطان وتفرد فى دفاعه عن الحرية وحق أبناء الأمة فى العلم، وأنتم تكرمون فى شخص العميد كل المعانى الإنسانية مجتمعة، تكرمون فيه تحرير المقدسات التى يجرى الاعتداء عليها فى أكثر من موقع من مواقع هذا العالم، وتكرمون فيه رد الحقوق المغتصبة لأصحابها الشرعيين، وتكرمون فيه دعوة السلام العادل، ولا يخالجنى أدنى شك فى أنكم سوف تتصدون لكل من يعتدى على هذه المعانى الإنسانية وعلى ثقافتنا وعلى الأرواح وعلى الأرض وعلى المقدسات وسوف تخاطبون الضمير العالمى كى يساند المناضلين فى سبيل الحرية والسلام ولقمة العيش. قال السادات ذلك عن طه حسين ـ وربط بين الاعتداء على الوعى والثقافة وبين الاعتداء على الأرواح وكأنه يخاطبنا اليوم وينبه الأمناء على ثقافتنا بعد 42 سنة ـ حين كان الحاكم يعتبر نفسه حارسا على وعى الأمة قبل أن يتم تزييف هذا الوعى بفعل فاعل خبيث!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف