المساء
شوقى الشرقاوى
إرهاب نفسي!!
استغاث بي صديقي أستاذ اللغة الإنجليزية بدرجة خبير وهو في شدة الألم.. قال: الحقني بسرعة.. الكلاب مزقت ملابسي.. سألته: هل أصاب جسدك أذي.. قال: الحمد لله لقد نجاني الله منها.. لكني لن اسكت وسوف اقوم بتحرير محضر في القسم.. قاطعته : محضرضد الكلاب!! قال: لا.. ضد من يتركون الكلاب هكذا تثير الرعب والخوف والهلع في نفوس المواطنين.. انه ياصديقي ارهاب نفسي مؤلم لنا ولأولادنا ولكل عابري الطريق.
حاولت تهدئته الا انه أصر علي نزولي اليه في الشارع واحضار ملابس اخري بدلا من الممزقة ..وبالفعل لبيت طلبه فاستراح نفسيا وجلسنا علي احد المقاهي نتدارس الأمر فقال: انه لشيء مؤسف ان تنتشر الكلاب الضالة بهذه الأعداد الكبيرة جدا في كل الشوارع والميادين تؤذي الناس وترهبهم وتحد من تنقلاتهم وكلما تشتكي لجهة تقول ليس اختصاصنا ..فمن المسئول اذن؟!
قلت له: الأمر يا صديقي لا يتوقف عند حد الكلاب الضالة وغير الضالة.. إنه ابعد بكثير من ذلك فالمضايقات والمشاحنات والبلطجة والمعاناة اصبحت من معالم الطريق سواء في العاصمة أو غير العاصمة.
الطريف.. ونحن نتحدث دخل علينا شاب في الثلاثين من عمره طالبا مساعدة مالية لشراء الدواء ومعه روشتة في يده فعرضت عليه ان اشتري له الدواء من الصيدلية فرفض وأصر علي المساعدة المالية فهددته بطلب الشرطة فأخذ يسابق الريح هاربا من أمامنا.
فقلت لصديقي: ان مثل هؤلاء الشحاذين ارهاب نفسي ايضا لأنهم يصيبون الناس بالكآبة ومنتشرون كالسرطان في كل شارع وطريق وحارة وزقاق في كل مدينة وقرية وكفر ونجع.. في كل وسائل المواصلات الأتوبيس والمترو وسيارات الأجرة وغيرها.
تتوجه في الصباح الي عملك وكلك حيوية وسعادة.. فاليوم في بدايته والأحلام كثيرة.. الا انك تفاجأ بمن يصيبك بالكآبة ويحول ابتسامتك الي حزن صامت يستمر معك طوال اليوم فهذه سيدة تحمل طفلة تدعي انها مريضة بمرض خبيث وانها بحاجة الي المال لشراء الأدوية لها واخري مطلقة ومسئولة عن سبع بنات وثالثة ورابعة وخامسة وهكذا.
أما الجديد فهو ان شابا وفتاة يفتعلان مشاجرة وبصوت عال وألفاظ جارحة لبعضهما في مكان مزدحم بالمارة ومن يتدخل لفض الاشتباك يكون جزاؤه السرقة واذا فشلا في عملية السرقة يدعي انها زوجته المهملة التي اضاعت كل ما معهما من نقود وانهما في حاجة الي مساعدة ضرورية للعودة لبلدهما باحدي المحافظات البعيدة.
سألني صديقي: اليس هذا ارهاباً نفسياً ايضا ..قلت له: نعم.. ويضاف اليها الخدمات المنسية خاصة في المدن والعاصمة بالتحديد.. تصور انك اذا فكرت ان تصطحب اسرتك للتجول او شراء بعض المستلزمات الضرورية فانك ستعاني الأمرين ليس من الأرتفاع الجنوني في الأسعار فقط ولكن لعدم وجود مكان تستريح فيه او دورة مياه تدخلها خاصة لمرضي السكر وكبار السن.
ان التخلص من العوامل المشجعة للإرهاب النفسي لن يكون الا بتضافر كل الجهود من الحكومة والشعب.
قفز صديقي من مكانه واقفا وقال: تعال نبدأ بأنفسنا ونحرر محضرا ضد كل هؤلاء الذين يحولون حياتنا الي إرهاب نفسي.
كلمة هامة:
الإرهاب ليس في حمل السلاح فقط.. ولكنه في كل فعل "يعكنن" علي "نفسية " الناس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف