هاوي كتابة
محمود حسن
حروب بوكالة السماء
لم يكن الغرب وحلفائه بمنأى عن الصراع باسم السماء ونداءات الكنيسة فقد شهدت القارة العجوز ومن يتبعها ويلات عدة تحت عنوان نصرة الرب بل وصل الامر الى بيع صكوك الغفران لحجز اماكن في جنة الخلد التي زعموها حينها ودخلت فيها أوروبا نفق مظلم راح ضحية هذه الصراعات والاكاذيب الملايين من البوساء وان كانت هذه الصراعات التي نشبت تحت ستار الإختلاف بين الطوائف المسيحية من كاثوليكية وبروتستانت وأرثوذكس والتي اطاحت بكل المبادئ داخل دول اوروبا وقتها ويظل العالق في الأذهان حرب الثلاثين عاماً والتي استخدمت فيها جيوش مرتزقة على نطاق واسع ، تدمر مناطق بأكملها وتركت جرداء من نهب الجيوش . وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض. ولقد أطاحت هذه الحروب الدينية بمكانة الكنيسة في اوروبا، وحطمت سلطانها ، وحررت الفكر ، فلم يعد العلم خادماً مطيعاً للكنيسة، وتقدمت العلوم العلمانية دون رقابة من الكنيسة، التي كانت تفرض وصايتها الفكرية بالإرهاب والقمع السلطوي، وانطلق مارد الفكر من أسره، وانطلقت العلوم، وتم إفساح الطريق أمام المد العلماني والليبرالي، وانبعاث الحركة القومية. ونحن في خضم معركة انية مع الإرهاب الذي انتشر نتاج دعم مخابراتي من دول بعينها وهو ايضاً ليس بعيداً عن النزعة الدينية التي عاشتها اوروبا قديماً وفتكت بمجتعاتها لكننا نعيش مرحلة أخطر على محيط الوطن العربي تحت مسمى النزعة الطائفية بين السنة والشيعة فالجميع يدعي انه يسير بدعم من قبل السماء تحت معتقدات وهمية صنعوها لأنفسهم للوصول لمكتسبات دنيوية فتحول الى صراعاً ونزاعًا عامًا من أجل الأرض والسلطة السياسية. فهل سنصل نحن العرب المتأسلمين الى فكرة التحرر من هذه الطائفية والمعتقدات الدينية الخاطئة التي نتقرب بها الى السماء ام اننا سنظل عالقين في عمق البئر الخانق المليء بالجهل والتعصب ونجعل الدين بسماحته عنواناً لمبادئنا ونثبت للعالم أجمع أن الصراع الدموي الحالي بين السنة والشيعة لا يتماشى مع النص الدينى وسماحة وتعاليم الاسلام بل هي سقطة ستنهض أمتنا بعدها. لقد افسدت السياسة تعاليم السماء وأن الدين بصبغته الإلهية النقية لم يدخل المعركة في أوروبا بالعصور الوسطى أو جزيرة العرب في هذا الحين الا لنشر معالم الانسانية وإن الأصح أن نسمي ما حدث في الغرب وبلاد الشرق صراعاً بين رجالات الدين والسياسية وأطماعهم من جانب وسماحة وتعاليم الأديان من جانب أخر. الشاهد في الامر ان الحروب الدينية أفرزت فكرة التحالفات التي أصبحت ثقافة سياسية راسخة في الدبلوماسية الدولية، وظهور مبدأ توازن القوى، والتوازن الدولي، وترسيخ مبدأ المصالح التي تتحكم في سياسات الدول تحت الشعار الذي ردده في الماضي تشرشل رئيس وزراء بريطانيا بانه " ليس هنا عداوات دائمة، ولا صداقات دائمة؛ ولكن هناك مصالح دائمة ". وهكذا هي السياسية لا قيم .. لا مبدأ .. لا انسانية ... ويبقى القول أن انهيار الأمم ، أمر ممكن. إذا ما تراكمت عليها المشكلات وأنهكتها الصراعات ، وظهرت عليها الأعراض التي تنبئ بقرب انهيارها وزوالها مثل تنامي النزعة الدينية أو الفرقة الطائفية والتخلف الفكري، والانحطاط الخلقي، والفساد السياسي في الحكم والإدارة ورعاية الشؤون، وسوء التصرف في الثروات والخيرات، والفساد في العلاقات، وانعدام الأمن والاستقرار، وتفكك أواصر الوحدة بين أطياف المجتمع، وترادف الأزمات الداخلية والخارجية. فهذه كلها علامات تدل على بداية انهيارها التدريجي إلى أن تسقط وتندثر. ان السماء لم تعرف سوى المحبة والرحمة فانثروا بذورهم في الأرض حتى ترويها السماء بعظمتها فتثمر ينابيع الإنسانية التي فقدناها ....
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف