هاوي كتابة
د. احمد عصمت عطيه
رؤوس الضلال
عندما يغيب الوعي الديني والثقافي والمجتمعي, وتتفشي الأمية بين الناس, وتختفي روح الانتماء لدي أبناء الوطن الواحد والأرض الواحدة, ويتمم كل هذه الأمراض - مرض عضال - وهو غياب الدولة تماما عن دورها وتخليها عن مسئولياتها في محو أمية أبنائها, وزيادة وعيهم وتوطيد روح الانتماء فيهم لدينهم ووطنهم, ويغلف كل هذه الكوارث داء الفقر وداء البطالة... تصبح هكذا التربة صالحة, لتنبت منها رؤوس الضلال , وكل منهم أتى بشريعته التي يفهمها, وبدءوا في بث سمومهم في رؤوس المساكين , والمغيبين .. نعم مغيبين .. حتى وان كانوا من حاملي الماجستير والدكتوراه, فلا تتعجبوا ... (انظروا إلى أكابر القوم ونخبته وهم يقبلون أيادي دراويشهم في الموالد وعند الأضرحة لطلب البركة) فالتدين له سحره الذي يفوق كل سحر حتى لو كان تديناً مغشوشاَ. وتكاثر المريدون من أهل العقول المغيبة والتف كل قوم حول أمامهم وفرقوا دينهم شيعاً, وأصبح كل حزب بما لديهم فرحين. وأصبحنا ندافع عن المتدين أكثر من دفاعنا عن الدين, وأصبحنا نبرر خطأ من معنا في حظيرتنا, بل ونضفي عليه الشرعية, باستخدام جملا لأنفهم معناها – في سبيل الدفاع عن من اعتقدنا في بركته وصدقنا تدينه حتى لو كان على حساب الدين. واصحبنا نُحكم الهوى في أرائنا فخلعنا علي هذا أنه أعلم أهل الأرض ووصمنا هذا أنه أضل أهل الأرض – حسب ما إذا كانت الآراء توافق هوى أنفسنا أو تخالفه – وأصبحنا نحن العامة من نحكم على العلماء ونحن نجهل من هو العالم الحق. ووضعنا نحن مقاييس التدين على حسب أهوائنا, وحسب فهمنا, وخلعنا عليها القدسية وكأنها الحق الذي لا يأتيه الباطل أبدأ ونسينا قول رسول الله لأحد صحابته عندما قال له :. ماذا أنت صانع في قومك , فقال لرسول الله – سأحملهم على حكم الله , فقال له رسول الله – بل احملهم على فهمك وحكمك فأنت لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا. وتحول اختلافنا من رحمة إلي نقمة وعداوة فكل من خالفنا فهو عدونا . وألبسنا من نحبه بلباس الإسلام المقدس – حتى وان اخطًأ - ونزعنا الإسلام عن من نكرة – حتى وان أصاب – وتناسينا قول الإمام مالك ( كلاً يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر – يقصد رسول الله عليه الصلاة والسلام) , وتناسينا انه لا يخلو بشراً من خطا وان كل ابن ادم خطاء .وخير الخطاءين التوابون. وأغفلنا أن في القران الكريم أكثر من خمسين آية – قرن الله فيها بين الإيمان والعمل الصالح – كشرط دخول الجنة, فاختلف قولنا عن العمل وأصبح كل منهما في اتجاه مخالف للأخر. ثم تأتي ذروة المأساة عندما نتشدق في غير حياء بالدفاع عن الإسلام, بل ونتعجب من نفور الناس منا ونتهمهم أيضا أنهم للإسلام كارهون, وكأننا أصبحنا نحن فقط من نملك صكوك ربقة الإسلام, وأننا فقط من نمثل الإسلام ! والإسلام من بعضنا بريء ..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف